منذ إعلان شركة ميتا عن نيتها إطلاق مشروعها الجديد “ميتافيرس”، وبدأت قطاعات التقنية والسياحة والأزياء والأعمال في الإسراع بحجز مساحة لها في الكون الرقمي الجديد، وهو ما دفع البعض للتساؤل، هل سيمكننا ممارسة الشعائر الدينية داخل ذلك العالم الجديد، وللإجابة على ذلك تابعونا في التالي:
لم تكن فكرة الكون الافتراضي أو الواقع الموازي، أمرًا جديدًا، خصوصاً في عالم ألعاب الفيديو، ففي ذلك العالم تخطت تكنولوجيا العالم الافتراضي كونها مجرد ألعاب الكترونية، حيث فتح المجال واسعاً أمام اللاعبين لخلق شخصيات موازية في عوالم موازي.
فمثلًا في لعبة “ماينكرافت” ثلاثية الأبعاد، حيث يمكن للاعبين تشييد أبنية ومدن، وحتى مساجد، كذلك الأمر في لعبة الحياة الثانية أو Second life وهي لعبة عالم افتراضي تتخيّل حياةً ثانية موازية لحياتنا على الأرض، يمكن فيها شراء الأراضي وبناء البيوت وممارسة كلّ الأنشطة من بينها الصلاة.
في الفترة الأخيرة، اضطرت المؤسسات الدينية كافة إلى اختبار الإمكانيات التقنية المتاحة لإقامة الصلوات والشعائر، وذلك ما سهل على كثير من أتباع الأديان ممارسة عاداتهم من خلف الشاشة، أو عبر بثّ فيسبوك مباشر.
إلا أن تلك المبادرات العبادية الافتراضية، لم تقابل بإيجابية، كما حصل حين طرحت السعودية خلال فترة الوباء مبادرة الحجر الأسود الافتراضي، الذي يتيح للراغبين لمس الحجر عبر الواقع المعزز.
وهذا ما يضع الجماعات الدينية أمام اختبارين، وهو إن تأخرت عن الانخراط في النسخة المحدثة من الانترنت، كما يتوقع الخبراء للميتافيرس أن يكون، فستخسر مساحة مهمة للتواصل وفرض الحضور.
ولكن، كيف يمكن القيام بذلك من دون تحويل التجارب الروحانية الذاتية إلى لعبة فيديو أخرى؟ الإشكاليات اللاهوتية والفقهية قد تكون كثيرة، ولكن الخوض فيها لا يزال مبكراً.
فالميتافيرس، مشروع لا يزال قيد الإنشاء، وأشد المتفائلين باكتماله لا يتوقعون أن يصبح متاحاً قبل عشر سنوات وربما أكثر
الثابت إلى الآن، أنه، بخلاف الانترنت كما نعرفه، والذي يخولنا تصفحه للقراءة، أو للتبضّع، أو لعقد اجتماعات، أو للعب، سيكون بإمكاننا دخول الميتافيرس، من خلال تصميم شخصية أو رمز افتراضي، قد يجلس مكاننا في غرفة الاجتماعات.
أو يتجول على متاجر لشراء ملابس، أو أن يزور معالم سياحية لم نزرها على أرض الواقع. فمن يدري، يمكن عن طريق ذلك الرمز أو الشخصية الافتراضية، أن تزور أماكن عبادة كثيرة لا نستطيع زيارتها في الواقع، بسبب القيود، مثل المسجد الأقصى.
وربما يتيح لنا زيارة قمم التبت الوعرة، للاستزادة من روحانياتها، من دون مغادرة غرفة الجلوس.
ذلك ليس بالأمر المستحيل، فبالتمعن لما تتسابق عليه بعض الدول، سنجد أن معظمها بدء يتيح جولات افتراضية عبر الانترنت لمساجد ومعابد وكنائس حول العالم، يمكننا التجوّل فيها حتى من دون عدسات الواقع المعزز، مع شرح مفصل لتاريخها.
ولكن السؤال هنا، هل سيأتي يومًا وتتحول العبادات إلى ألعاب فيديو، أو يمكن أن تؤدي عبادتك عبر العالم الافتراضي بينما أنت في الواقع نائم؟