لا جديد حتى الآن في الأزمة السياسية المحتدمة بالعراق منذ أشهر سوى المزيد من المبادرات لتخفيف حدة التصعيد واحتواء تداعيات الأحداث التي باتت تنذر بالصدام.
لكن ربما يكون العراق على وشك حل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد في الفترة الماضية.. فمن المرتقب أن تجتمع القوى السياسية العراقية، في القصر الحكومي للبدء في حوار لحل الأزمة السياسية. ما هي سر الأزمة السياسية في العراق وما هي آخر التطورات؟ وهل ينقذ الحوار الوطني العراق من الانزلاق للهاوية؟
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي دعا القوى السياسية وعلى رأسهم التيار الصدري إلى اجتماع في قصر الحكومة اليوم للبدء في حوار وطني جاد كما ورد في بيان صدر عنه بعد ساعات من إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن تأجيل تظاهرة حاشدة دعا إليها.
وأوضح أن الهدف وراء اللقاء هو التفكير المشترك من أجل إيجاد الحلول للأزمة السياسية الحالية، والانغلاقات الراهنة في نطاق الدستور وعلى أرضية المصلحة الوطنية العليا، وبما يسهم في تهدئة التصعيد الحالي.
ولكن حتى الآن لم يتضح أي شيء بخصوص مستوى التمثيل من القوى السياسية في هذا الاجتماع ولا حتى عن هوية القوى المشاركة فيه.
من ضمن أسباب الأزمة السياسية في العراق هو أنه وبعد عشرة أشهر من الانتخابات التشريعية، لا تزال القوى السياسية عاجزة عن الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
وفي الآونة الأخيرة ارتفع مستوى التصعيد بين كل من التيار الصدري والإطار التنسيقي منذ أواخر يوليو الماضي، مع تبادل الطرفين الضغط في الشارع وفي التصريحات، ولكن دون أن تتطوّر الأمور إلى عنف.
مناصرو مقتدى الصدر ينفذون منذ 30 يوليو الماضي اعتصامًا في باحات البرلمان العراقي، بينما باشر مناصرو الإطار التنسيقي اعتصامًا مضادًا على أسوار المنطقة الخضراء قبل خمسة أيام.
ويطالب التيار الصدري بحل البرلمان بشكل فوري وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، مقابل مطالبة الإطار التنسيقي بتشكيل حكومة وعودة انعقاد البرلمان.
ويضم الإطار التنسيقي خصوصًا كتلة الفتح البرلمانية الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران وكتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الخصم التاريخي للصدر.
وأعلن مقتدى الصدر تأجيل تظاهرةٍ حاشدة دعا تياره لتنظيمها السبت في بغداد حتى إشعار آخر.
وقال الصدر في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي: “إن كنتم تراهنون على حرب أهلية فأنا أراهن على الحفاظ على السلم الأهلي وإن الدم العراقي غالٍ”.
وأضاف في تغريدته: “أعلن تأجيل تظاهرة يوم السبت إلى إشعار آخر لكي أفشل مخططاتكم الخبيثة ولكي لا أغذي فسادكم بدماء العراقيين”، مطالباً المعتصمين في الوقت نفسه بمواصلة اعتصامهم.
كما دعت اللجنة المنظمة لاعتصام الإطار التنسيقي أيضاًاإلى تظاهرة لم تعلن موعدها الإثنين الماضي. وبدأ المأزق الحالي مع رفض التيار الصدري اسم مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الحكومة.
ما هي تفاصيل الأزمة وكيف بدأت؟
بدأت الأزمة الحالية منذ الانتخابات الأخيرة في أكتوبر 2021، وكانت انتخابات مبكرة نظمت بهدف تهدئة احتجاجات شعبية مناهضة للطبقة السياسية هزت العراق في خريف العام 2019.
نال التيار الصدري 73 مقعدًا ليصبح الكتلة الأكبر تمثيلًا في البرلمان الذي يضمّ 329 نائبًا. وأراد رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر مع حلفائه من السنة والأكراد، تسمية رئيس الحكومة وتشكيل حكومة “أغلبية وطنية”.
لكن ذلك قوبل بالرفض من قبل خصومه في الإطار التنسيقي الذي يضم فصائل موالية لإيران. وكان مطلب الإطار التنسيقي الحفاظ على الحل التوافقي التقليدي بين كافة أطراف “البيت الشيعي”.
وتصاعدت الأزمة مع رفض التيار الصدري لترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة. ودفع الصدر الذي اعتاد على اتخاذ خطوات مفاجئة، نوابه للاستقالة من البرلمان في يونيو الماضي للضغط على خصومه.
وطالب الصدر القضاء بحل البرلمان خلال مدة أقصاها نهاية الأسبوع، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة ولكن رد القضاء أنه لا يملك الصلاحية لحل مجلس النواب.
أخيرا بعد قرار الصدر بالتأني، وخطوة الكاظمي بالدعوة لحوار وطني، هل نرى قريبا بارقة أمل تنقذ العراق من الانزلاق للهاوية؟