لم يكن أبرز المتشائمين حول الوضع السياسى فى ليبيا يتوقع أن يصل البلد الغنى إلا هذا الوضع من الأزمات الاقتصادية والأمنية، لاسيما مع توفر كافة المقومات لتكون ليبيا دولة قوية.. نجح الشعب فى إزاحة نظام وانتصر..ولكن المكاسب لم تحقق ما يخدم مصالح الوطن بل قلة من أصحاب المطامع والقوى الأجنبية..
فتمر الدولة الليبية بحالة من السيولة السياسية، منذ أكثر من 10 سنوات بعد إزاحة نظام الرئيس السابق معمر القذافى عن الحكم، فسقطت فريسة للمكتالبين على ثرواتها وموقعها الاستراتيجى فأصبحت مرتعًا للميليشيات وموقعا للقواعد العسكرية الأجنبية و مطمعًا للراغبين فى السلطة، إلا أن الوقت قد حان لجمع الفرقاء وإدارك مصلحة الدولة الليبية مع المبادرة المصرية القطرية.
فلم تكن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى قطر، تمهيدًا إلى كتابة فصل جديد من العلاقات بين البلدين، بعد سنوات من الفتور، ولكنها أسست أيضًا إلى توافقات واهتمامات جيوستراتيجية، ليبيا فيها هي الأكثر إلحاحًا خلال الآونة الأخيرة، وفقًا لتحليل نشره موقع ميدل إيست آي اللندني، المقرب من صناع القرار في الدوحة.
ولفت الموقع اللندنى أن مصر شريك إقليمي لا غنى عنه للغرب مع حرص القاهرة الكبير على مكانتها كصانع متكامل للاتفاقيات والتسويات ذات الأهمية الكبيرة في المنطقة، وفي المقابل تكافح قطر لإثبات نفسها كوسيط وخاصة في غزة بفضل علاقتها الوثيقة مع كل الأطراف.
وذكر التقرير، أن القاهرة والدوحة عازمتان على جمع الأطراف غير المتوقعة معًا للتوسط في حلول سياسية للأزمات التى طال أمدها ومن هنا أصبحت قطر عنصر جذب كلما أثير الحديث عن التسوية السياسية.
ولفت التقرير إلى اقترح أمير قطر خلال خطابه أمام الجمعية العامة السابعة والسبعين للأمم المتحدة، والذى أكد فيه أن الدوحة مهتمة ببناء إطار سياسي قائم على الإجماع والشرعية من شأنه أن يرى كل الجماعات المسلحة تحت السيطرة المدنية متحدة في جيش وطني واحد، وهذا أيضًا ما تؤيده مصر بالضبط.
وكان وزير الخارجية القطرى، محمد بن عبد الرحمن آل ثانى، أكد خلال مؤتمر صحفى مع نظيره المصرى سامح شكرى، أن وجهة النظر القطرية تتطابق مع مصر فيما يخص القضية الليبية، ودعم المسار السياسى الليبى.
وأضاف أن موقف دولة قطر متطابق فى هذا الخصوص “القضية الليبية”.. وندعم المسار السياسى فى ليبيا وكافة مخرجات سواء الاتفاق السياسى فى جنيف وباريس وصولا لانتخابات حرة ونزيهة فى ليبيا”، متابعًا : “لا نريد رؤية أى شئ يحدث انقسام سياسى أو عسكرى فى ليبيا”.
المبادرة المصرية القطرية، لن يكون تنفيذها بالضرورة بالغ السهولة لتشابكها مع مصالح إقليمية ودولية على أرض ليبيا بالإضافة إلى المصالح الشخصية لبعض الأطراف والتى تستعين بجهات خارجية من أجل استمرار تواجدها فى مقاليد السلطة أو السيطرة على الثروات الليبية وترك الشعب الليبي يواجه الأزمات المتتالية سواء الاقتصادية أو الأمنية مع انتشار الميليشيات وانتشارها على الأرض بشكل كبير.
والمثير للجدل استعانة بعد القوى السياسية الليبية، بعناصر الميليشيات سواء المحلية أو الأجنبية من أجل توطيد تواجدها، حتى أنه يتم توفير مخصصات مالية لهم من البنك المركزى الليبي ووزارة المالية الليبية من أجل الحفاظ على ولائهم.