لأجله تحركت الأساطيل فى البحار، ونفذت أقوى المناورات، فأصبح مثل الماء والهواء ضرروة للحفاظ على الحياة فى ظل شتاء قارص يهدد سبل المعيشة، إنه الغاز، فما هى القصة؟
تبذل الدول الأوروبية جهودًا مكثفة لتوفير إمدادات الغاز فى ظل أزمة كبيرة وضعف سلاسل التوريد مع شتاء قارص مقبل، قد يهدد حياة الشعوب، أزمة الطاقة فى القارة العجوز وضعت الحياة فى أوروبا كما نعرفها على المحك وخلقت تداعيات قد تعيدها عشرات السنين إلى الوراء.
ومع استهداف خطى السيل الشمالى المصممين لنقل الغاز إلى ألمانيا لتوفير احتياجتها من الطاقة، تغيرت استراتيجية الأمن فى العالم، فلم تعد تقتصر على تأمين الحدود أو الأجواء أو الأماكن الهامة فى الدولة، بل امتدت إلى خارج الحدود لتأمين مصادر الإمداد بالطاقة أيضًا.
لذلك سارعت البحرية الإيطالية للدفاع عن خط الغاز الليبي، ضمن مساعيها لحماية منشآت النفط التي تجلب الغاز إلى روما، حيث يوجود 3 خطوط أنابيب غاز تحت المراقبة من قبل الأسطول الإيطالى وهي خط الغاز الطبيعي “ترانسميد” من الجزائر عبر تونس إلى جزيرة صقلية والبر الرئيسي لإيطاليا.
والخط الثاني يتمثل بخط أنابيب “جرين ستريم” الذي يضمن الاتصال بليبيا، فيما يؤمن الخط الثالث تدفق الغاز إلى أوروبا الشرقية، ويمر عبر سواحل إيطاليا وألبانيا.
واتخذت البحرية الإيطالية خطوات هامة لتأمين خطوط الغاز الثلاثة، حيث تقوم بدوريات مستمرة للحفاظ على البنية التحتية، باستخدام كاسحات لحماية قاع البحر، حيث تمر خطوط الأنابيب، إضافة إلى نشر فرقاطات بحرية وطائرات بقاعدة “سيغونيلا” في جزيرة صقلية.
كل هذه خطوات عاجلة اتخذتها إيطاليا للحفاظ على مصادر توريد الغاز من ليبيا، وعلى جانب آخر شرع مسؤولون في أوروبا خلال مفاوضات رسمية مع طرابلس في بحث زيادة كمية الغاز الليبي الذي تصدره إلى أوروبا عبر الخط البحري “غرين ستريم” الذي يربطها بإيطاليا، وسط تساؤلات كثيرة في شأن قدرة الغاز الليبي على تلبية الاحتياجات الضخمة وما إذا كانت ليبيا تملك مخزوناً كافياً؟
وتعتمد إيطاليا بنسبة كبيرة على غاز ليبيا والتى يبلغ إنتاجها بحسب آخر إحصاء 853.1 مليار قدم فى العام لتوفير احتياجتها من الطاقة قبل حلول فصل الشتاء.
ويصدر جزء من الغاز الليبي المعالج إلى إيطاليا من جانب شركة “مليتة” للنفط والغاز، عبر حقل البوري النفطي والغازي، الذي يبلغ احتياطيه 3.5 تريليون قدم مكعبة، وإنتاجه السنوي 6 مليارات قدم مكعبة.
كام يصدر حقل الجرف القاري الذي تشرف عليه بالمحاصصة شركة “إيني” الإيطالية مليار قدم مكعبة إلى روما، عبر خط “جرين ستريم”، الناقل للغاز بين ليبيا وأوروبا.
أزمة الطاقة فى أوروبا تهدد سبل الحياة، ووضعت الدول الأوروبية بين خيارات وأولويات لم تكن تتوقعها على الإطلاق، ومع تداعياتها اتخذت العديد من الدول القرارات والخطط لتخفيض الاستهلاك استعدادًا للشتاء الكبير الذى قدد يهدد بقاء أوروبا كما نعرفها.