” دول لازم بتحاكموا بتهمة الغباء السياسي” جملة شهيرة جائت على لسان الرئيس الراحل السادات ولها قصة شهيرة بالتأكيد معظمكم يعرفها ولكن لها أيضا قصة خفية مرتبطة بتحضير الأرواح وجلساتها والمخطط الذي أحكمه السادات للإيقاع برجال جمال عبد الناصر.. فماهي قصة شمهورش مع السادات وكيف ساعده للتخلص من خصومه السياسيين.
ظل الرئيس الراحل محمد أنور السادات يعاني لفترة طويلة في بداية حكمه من وجود مراكز للقوة حاكمه في البلاد تحاول منعه من القيام بمهام وظيفتة وكان يتحين لها الفرصة كي يقضي عليها إلي أن حدث ذلك بالفعل.
ففي الرابع من يونيو 1971، فاجأ الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل الجميع، بمقالٍ له على صفحات جريدة الأهرام المصرية، حمل عنوان “تحضير الأرواح”، تناول قصة ثلاثة من رجال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع جلسات تحضير الأرواح، مشيراً إلى أنهم كانوا يتنبّأون بواسطتها بمستقبل الدولة، ومستقبلهم السياسي وكانت المفاجأة التي كشفها البعض بعد ذلك، أكبر، وهي أن عبد الناصر نفسه كان مغرماً بـ”تحضير الأرواح”.
يروي الكاتب الصحافي محمد توفيق، في مؤلفه “الملك والكتابة… قصة الصحافة والسلطة في مصر، تفاصيل مقال “تحضير الأرواح”، بقوله: “في 20 أبريل عام 1971، نشرت جريدة الأهرام، بتوقيع محمد حسنين هيكل، أن ثلاثةً من رجال عبد الناصر ذهبوا إلى جلسة تحضير أرواح، لاستشارة الجن في مستقبلهم السياسي”، موضحاً أن الثلاثة هم وزير الحربية الأسبق الفريق محمد فوزي، ووزير الداخلية الأسبق اللواء شعراوي جمعة، وسكرتير الرئيس عبد الناصر سامي شرف، وقد سُجِّلت الجلسة”.
وحسب توفيق، ما حدث في 20 أبريل تكرر في الرابع من مايو من العام نفسه، وسُجّل أيضاً، ويومها أرسل الرئيس أنور السادات التسجيلات التي تُدين رجال عبد الناصر، في منتصف الليل، مع ابنته، إلى محمد حسنين هيكل، لينشر نصّها في جريدة الأهرام، لكن الأخير تردد في ذلك، وذهب إلى المفكر الكبير توفيق الحكيم، ليطلعه عليها.
بالطبع تعرّض هيكل لموجة عارمة من الانتقادات، دفعته إلى الكشف عن تفاصيل ما حدث، في مقال آخر ضمن سلسلته الشهيرة “بصراحة”، وروى التالي فقال “أعطيت توفيق الحكيم جلستين من جلسات تحضير الأرواح، منقولتين بالحرف على الورق، كما نطقت بها أصوات أصحابها على أشرطة التسجيل المغناطيسية، وقرأ الحكيم، ثم قال لي: ‘لو أنني كتبت مثل هذا في رواية، لاتّهمني الناس بأنني شربت نهر الجنون إلى آخر قطرة’، ثم شرد لدقيقة مع خواطره، وعاد يقول: ‘إنني مع النشر، إن أسبابك للنشر أقوى من أسبابك في الامتناع عنه’”، فقرر هيكل النشر.
واختار الرئيس السادات هيكل دون غيره، ليرسل إليه التسجيلات التي ستكون مبرراً لتصفية رجال عبد الناصر، وأن هيكل اختار توفيق الحكيم ليكون شاهداً على هذه التسجيلات، رغم أنه بعد عام واحد فقط من نشر التسجيلات، صار كلاهما طرفاً في معركة كبيرة بسبب هجوم الأخير على عبد الناصر، وأن الدجّال الذي ذهبوا إليه، أوحى إليهم بأن يتقدموا باستقالتهم، بهدف عمل فراغ دستوري، ليضعوا السادات في مأزق يضطر بعده إلى الرضوخ لهم، وقد فعلوا ذلك في 15 مايو عام 1971، أي بعد الجلسة الثانية لتحضير الأرواح بـ11 يوماً فقط”.
ويكشف توفيق لعبة السادات للإيقاع برجال عبد الناصر، قائلاً: “لكن العرّاف لم يمنعهم، فالسادات مثلما استطاع أن يخترق الجلسة بوضع أجهزة التنصت يبدو أنه جنّد العرّاف نفسه، لينصحهم بتقديم استقالاتهم التي كان في انتظارها، فقبلها على الفور، وأصدر قراراً باعتقالهم، وبرّر ذلك بعبارته الشهيرة: ‘دول المفروض يتحاكموا بتهمة الغباء السياسي’”.
وفي الختام هل تعتقدون أن جلسات تحضير الأرواح نجحت بالفعل في خدمة السادات سياسياً بالقضاء علي خصومه الذين كانوا من الغباء بمكان ليمنحوا السادات أرواحهم علي طبق من ذهب.