أصبح مستوى المعيشة في السودان قاب قوسين من مخاطر محتملة؛ فالقرار المفاجئ برفع أسعار المحروقات بات بوابة لغلاء محتمل قد يلحقه قرارات مماثلة يطال مختلف وسائل الإنتاج وبالتالي تكلفة المطالب الحياتية اليومية على المواطن السوداني. فهل ينتظر السودانيون قرارات لاحقة تضمن احتواء تداعيات الغلاء؟ وهل يمكن تحييد احتمالات ارتفاع السلع الحيوية المرتقبة؟
استيقظ السودانيون، اليوم الخميس، على قرار رسمي برفع أسعار المنتجات البترولية حيث أعلنت وزارة الطاقة والنفط أن الزيادة تشمل أسعار البنزين من 522 جنيها إلى 620 جنيها للتر الواحد، أما سعر الديزل فقد ارتفع من 672 جنيها سودانيا إلى 720 جنيها.وكذلك ارتفعت أسعار الجازالوين أو السولار من 108 جنيهات إلى 748 جنيها.
قائمة الأسعار المعلنة على النحو المشار إليه لا تشمل سلعا بذاتها بل ترتبط بسلاسل الإنتاج وخصوصا إنتاج المواد الغذائية الذي يشمل تكاليف الزراعة والنقل والتصنيع؛ لذلك تلقي الزيادة في أسعار المحروقات بالتبعية على أسعار السلع كافة. فضلا عن ردود أفعال بعض الأسواق التي تتطلب ردود أفعال تجارها على الزيادات الجديدة في أسعار الوقود مزيدا من إجراءات الرقابة وتطبيق القانون.
المطالب الحياتية اليومية هي الشغل الشاغل للمواطن السوداني أمام أي احتمالات لغلاء المعيشة، خصوصا وأن التضخم في السودان قد بدأت وتيرته في التصاعد عقب أحداث أكتوبر 2021 بعد أن تراجع الجنيه السوداني إلى أكثر من ربع قيمته، وتم تعليق التمويل الدولي الذي كان مقررا إلى البلاد. في ذات العام الذي سجلت فيه نسبة البطالة 65 % .
تكاليف المعيشة ستظل الأكثر تأثرا بأسعار المحروقات وسط احتمالات لزيادة سعر تعبئة أسطوانة الغاز بعد أن كان يتراوح في المعدلات الطبيعية من ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف جنيه سوداني حسب نوع الغاز المباع، بالإضافة إلى تكاليف النقل والمواصلات.
تقارير إعلامية سودانية أكدت وجود تراجع كبير بواردات السلع إلى الأسواق السودانية وصل إلى 65 % لعوامل تعود إلى ضعف الاستهلاك، وذكرت صحيفة السودان اليوم، أن المواد الغذائية سجلت ارتفاعا ملحوظا بأسعارها بعد أن وصل كيلو العدس إلى ألف ومائتي جنيه فيما سجل كيلو الأرز ألف جنيه سوداني، فيما وصل جوال السكر (البالغ 50 كيلو) إلى 27 ألف جنيه سوداني.
وسبق لليونيسيف أن أكدت أن السودان من أول الدول التي تحتاج للتدخلات وتقديم المساعدات في مجال برنامج التغذية، الأمر الذي يتطلب إجراءات سريعة بشأن مشروعات الضمان الاجتماعي وتوفير آليات فاعلة بهذا الشأن.
يظل السودان أمام تلك التحديات بحاجة إلى حلول سريعة لتحييد التبعات الخاصة بالقرارات الاقتصادية على المواطن، خصوصا مع الأرقام الرسمية التي أصدرها البنك المركزي السوداني والتي أكدت أن العجز في التجارة الخارجية خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر الماضي قد تجاوز 3.5 مليار دولار.
برغم الأوضاع الحالية بشأن مستوى المعيشة في السودان وأحوال المواطنين أمام حالة الغلاء، لا زال الخبراء يعولون على ثروات البلاد ذات الأراضي شاسعة المساحة فضلا عن وفرة المياه اللازمة للزراعة وإمكانية الوصول إلى مستوى متقدم بوضع خطط اقتصادية عاجلة التنفيذ وإصلاح اقتصادي مقترن ببرامج حماية اجتماعية للمواطنين.