إزاحات الحكم في بلد الرجال النزهاء لا تتوقف.. فما بين ليلة وضحاها يتبدل الحاكم بقوة السلاح، انقلاب من داخل انقلاب، ويبقى شعب بوركينا فاسو، يحلم بالأمل فى إيجاد حلول لمشاكله الأمنية والاقتصادية وسط أطماع فرنسية روسية على امتلاك النفوذ والذهب فى البلد الإفريقي الفقير.
يبدو أن انقلاب بوركينا فاسو، يضع الرتوش الأخيرة على نجاحه بعد الموافقة على الشروط السبعة لقائد المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو الرئيس بول هنري سانداوغو داميبا، من قبل الحكام الجدد للبلد الذى يقع فى الغرب الإفريقى بقيادة الرائد إبراهيم تراوري.
حيث نجحت وساطة محلية، فى الوصول إلى اتفاق على الرحيل واستقالة “دامبيا” لتجنب مواجهات ذات تداعيات إنسانية ومادية خطيرة، بعد الموافقة على 7 شروط، بينها ضمان سلامة وعدم ملاحقة العسكريين الموالين له، وضمان سلامته وحقوقه، إضافة إلى سلامة وحقوق مساعديه والوفاء بالالتزامات حيال المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا من أجل إعادة الحكم إلى المدنيين خلال عامين.
ومع رحيل “دامبيا” فقدت فرنسا صاحبة النفوذ الأقوى فى الغرب الإفريقى أحد أهم حلفائها، لاسيما أنها ليست فى وفاق مع الحكام الجدد بعد أن تم توجيه أصابع الاتهام لها بإخفاء رئيس المجلس العسكرى المنقلب عليه “دامبيا”، فى أحد قواعدها العسكرية.
مما دفع عشرات المتظاهرين المؤيدين لقائد الانقلاب الجديد للتجمع أمام السفارة الفرنسية في واجادوجو، وأضرموا النار في حواجز حماية ورشقوا حجارة داخل المبنى الذي كان جنود فرنسيون يتمركزون على سطحه.
كما استهدف متظاهرون، مؤسستين فرنسيتين، حيث أضرموا النيران أمام السفارة الفرنسية والمعهد الفرنسي في واجادوجو وأمام المعهد الفرنسي في بوبو ديولاسو غربي البلاد.
وتحركت الخارجية الفرنسية سريعا قبل انفلات الأمور نافية أى أنباء عن لجوء الرئيس المخلوع داميبا إلى قاعدة عسكرية تابعة لها، أو أي علاقة لها بما يحدث في البلاد.
وتخشى باريس أن تفقد نفوذها فى البلد الإفريقى الذى نال استقلاله من الاستعمار الفرنسى عام 1960، لصالح الدب الروسى كما حدث فى مالى على بعد أميال قليلة، حيث أنجزت فرنسا سحب قواتها من مالي، بعد توتر علاقاتها مع المجلس العسكري في باماكو الذي وصل إلى السلطة بعد انقلابين عسكريين حصلا في عامي 2020 و2021. واعتبر الخروج العسكري الفرنسي من مستعمرتها السابقة بمثابة فشل ذريع لباريس، بعد أن حلت مكانها قوات «فاجنر» الروسية.
وعلى الرغم من اقتصاد بوركينا فاسو قائم على الزراعة وتربية الماشية فى المقام الأول إلا أن باطن الأرض يحتوى على كنوز ضخمة من ذهب ومنجنيز وفوسفات، مما يجعلها هدفًا للأطماع الغربية لاسيما أن حالة عدم الاستقرار لا تخدم المصالح الوطنية.
حالة عدم الاستقرار فى بلد النزهاء لن تخدم إلا مصالح الدول ذات الأطماع فى الثروات وفى النفوذ، بعيد عن المصالح الوطنية لبوركينا فاسو.