ألغاز كبيرة يحملها لب القشرة الأرضية تثير فضول العلماء لمعرفة ما في باطن الكرة الأرضية التي عاش وما يزال يعيش فوق سطحها مليارات المخلوقات.. وهو ما دعا الصين لبدء أعمال حفر أول بئر بعمق أكثر من عشرة آلاف متر لاستكشاف أسرار الأرض السحيقة.. فما الهدف من تلك المغامرة الصينية وما المفاجآت التي يمكن يكتشفوها؟
انطلقت عمليات حفر البئر الصيني الأول للاستكشاف العلمي لباطن الأرض لعمق يصل إلى أكثر من عشرة آلاف متر، وتحديدًا بحوض “تاريم” في منطقة شينجيانج الويجورية صاحبة الحكم الذاتي بشمال غربي الصين، في خطوة تُعد إنجازًا غير مسبوق لاستكشاف بكين لأعماق القشرة الأرضية، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”.
هذه البئر الصينية، ليست عملية الحفر الأولى من نوعها لاستكشاف حقائق باطن الأرض؛ فقد جرت محاولات سابقة من أبرزها حفر بئر “كولا”.
بئر “كولا” العملاق، هو مشروع علمي نُفذ بالاتحاد السوفيتي السابق، من أجل استكشاف ما في أعماق القشرة الأرضية، ويعده العلماء أعمق بئر استكشافية بالعالم.
بدأ حفر هذا البئر في مايو العام 1970 واكتمل العام 1989. وجاء بعمق 12.262 مترًا، وقد تجاوز عمق بئر يسمى “البرثيه روجرز” الذي يوجد في مدينة أوكلاهوما الأمريكية بعمق 9583 مترًا الذي تجاوز العام 1983 عمق 12 ألف متر.
ولا يعتبر الولوج إلى باطن الأرض عملية سهلة أو هينة؛ حيث تُعد من أكثر التحديات التي يخوضها علماء الجيولوجيا، منذ بدأت منذ نحو ستين سنة.
فمنذ ذلك التاريخ سعى كثيرون وأخفقوا، فأثناء المواجهة الباردة حاولت الولايات المتحدة الأمريكية وغريمها الاتحاد السوفيتي، الشروع في تنفيذ مشروعات حفر عملاقة من أجل الوصول لأعمق نقطة بالأرض.
وحينها دشنت أمريكا “مشروع موهولي” للحفر تحت البحر قبالة جزيرة جوادالوبي المكسيكية، ليصل العلماء لعمق 183 مترًا، قبل أن يتوقف المشروع الأمريكي للحفر في أعماق الأرض، بسبب قلة الدعم المالي.
على المعسكر الآخر، كانت موسكو تطلق مشروعها كي تستكشف القشرة الأرضي، عبر حفل بئر “كولا” الذي يات أعمق ثقب على سطح الأرض، وتحديدًا في مدينة “زابوليارني” بالشمال الغربي من الاتحاد السوفيتي وقتها.
ولكن التباطؤ بالحفر أدى إلى انهيار بالتربة مما أدى لسقوط كمية كبيرة من التربة بالحفرة، أفقدتها خمسة آلاف متر من عمقها مما تسبب في استئناف الحفر بعدها من عمق سبعة آلاف متر تقريبًا.
ثم اكتمل الحفر في العام 1989 ليصل إلى عمق 12262 مترًا، وليتوقف لارتفاع الحرارة تحت سطح الأرض لنحو 180 درجة مئوية، مما سيؤدي لارتفاع تكلفة الحفر بشكل كبير جدا.
ثم توقف تمويل حفر بئر “كولا” الروسي، لتنطلق بعدها شائعات أثارتها وسائل إعلام مختلفة وقتها، حول سماع صرخات بشرية قادمة من باطن الحفرة السحيقة. ورغم ذلك وتوصل مشروع الحفر لنتائج مهمة والكشف عن الكثير من الأسرار. إذ عندما بلغ عمق الحفرة 9450 مترًا، اكتشف الجيولجيون كميات كبيرة من الذهب والألماس.
كما تمكنوا من تقدير عمر الكرة الأرضية، بـ 1.5 مليار سنة، أيضًا الكشف عن كميات هائلة من غاز الميثان بأعماق الأرض. وتم اكتشاف حفريات مجهرية تعرف بـ “العوالق”، لأربعة وعشرين نوعًا من النباتات والخلايا البحرية.
ختامًا.. أغرب ما في قصة الحفل في باطن الأرض لأعماق سحيقة ما زعمته بعض الروايات بأنه أثناء عمليات الحفر في بئر “كولا” الروسي، أنزل العلماء ميكروفونات متطورة بالحفرة كي يسمعوا أصوات طبقات الأرض، إلا أنهم فزعوا عندما سجلت الميكروفونات، أصواتًا غريبة وصراخ ملايين من البشر كما تسائل الكثيرون عن أساطير الأرض وما تخفيه في باطنها، فهل يلتقي الصينيون سكان باطن الأرض؟