واحدة من أسوأ موجات الجفاف تضرب الأراضي التونسية، وسط تخوفات من وقوع ما هو أخطر في ظل موجات العطش وأزمة ندرة مصادر المياه.
ماذا يحدث في تونس من تغيرات؟ وكيف تواجه الدولة أزمة العطش؟ ولماذا تفرض غرامات كبيرة على فتح الصنبور؟ كل هذا وأكثر نقدّمه في التقرير التالي:
حالة الطوارئ المائية
دخلت تونس، حالة الطوارئ المائية التي تتمثل في فرض نظام مقنن يستمر لعدة أشهر لتوزيع الماء الصالح للشرب، ومنع استعماله أغراض أخرى بسبب أزمة الجفاف.
ويأتي هذا الأمر على خلفية أزمة شح الموارد المائية في تونس التي فاقمتها التغيرات المناخية وموجة الجفاف التي تضرب البلاد منذ 4 سنوات.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الفلاحة التونسية أنها قررت البدء على الفور في نظام الحصص للتزود بالمياه الصالحة للشرب ومنع استعمالها في الزراعة حتى نهاية شهر سبتمبر بسبب موجة الجفاف الحادة التي تضرب البلاد.
انخفاض الكميات المخزنة
وسجلت تونس، التي تعاني جفافا شديدا منذ 4 سنوات، انخفاضا في الكميات المخزنة في سدودها إلى حوالي مليار متر مكعب فقط، أي ما يعادل 30 بالمئة من الطاقة القصوى للتخزين، بسبب ندرة الأمطار من سبتمبر 2022 إلى منتصف مارس 2023، وفقا للمسؤول بوزارة الفلاحة حمادي الحبيب.
وقالت الوزارة إنها حظرت أيضا استخدام المياه الصالحة للشرب لغسيل السيارات وري المساحات الخضراء وتنظيف الشوارع والأماكن العامة، مضيفة أنه سيتم معاقبة المخالفين.
عقوبات صارمة
ووفقا لقانون المياه يعاقب المخالفون بغرامة مالية وبالسجن من 6 أيام إلى 6 أشهر، كما يمنح القانون الحق للسلطات تعليق الربط بالماء الصالح للشرب الذي توفره شركة توزيع المياه الحكومية.
وذكرت وزارة الفلاحة والموارد المائية التونسية في بيان أن القرارات الجديدة المتعلقة بترشيد استعمال الموارد المائية ستبقى سارية المفعول حتى 30 سبتمبر المقبل، محذرة المخالفين بأنهم يعرضون أنفسهم لعقوبات مالية، وأخرى تضمن السجن.
وأثر جفاف المناخ في السنوات الأخيرة في تغذية المائدة الجوفية ومستوى تعبئة السدود الذي لم يتجاوز 30 بالمئة وفق الأرقام الرسمية، وهو ما يهدد الأمن المائي للتونسيين.
أزمة ندرة المياه
إلى ذلك، قال المهندس في الموارد الطبيعية وعضو شبكة تونس الخضراء، ياسر سويلمي، إن أزمة شح المياه عالمية ولكنها تبدو أكثر تأثيرا في عدد من المناطق ومن بينها تونس بسبب التغيرات المناخية التي تعيشها البلاد للعام الخامس على التوالي.
واعتبر «سويلمي» أن أزمة ندرة المياه تعمقت في تونس عبر السنوات الماضية جراء سوء الحوكمة، إذ تستهلك الأنشطة في قطاع الزراعة 83 بالمئة من موارد البلاد المائية ويزرع الفلاحون في تونس الفراولة والكرز والطماطم وغيرها من المنتجات المستهلكة للمياه، وهي في أغلبها معدة للتصدير مما يعني أن الماء يوجه للتصدير عبر نمط زراعة مستهلك جدا.
وقال إن الأمر يدعو إلى المبادرة بتغيير النمط الزراعي بشكل عاجل، وعدم العودة إليه إلا في حال تحسن الموارد المائية وعودة المخزون المائي إلى معدلاته الطبيعية.