على وقع أصوات الحطابين في الغابات والعجائز حول المدفأة، ينتظر أوروبا شتاء باردا إثر أزمة الغاز التي تضرب القارة العجوز والتي تهدد وجودها كما نعرفها الآن.. إلا أن الحل كان في العودة للعصور الوسطى.. ماذا حدث؟
تعيش القارة العجوز أسوأ أيامها مع العد التنازلي لقدوم فصل الشتاء، لاسيما في ظل وجود أزمة الطاقة وتوقف الغاز الروسي الذي كان يغطي 40% من احتياجاتها.
لذلك كان لابد على المواطن الأوروبي البحث عن تأمين احتياجاته من أجل التدفئة بعد أن تركته الحكومات فريسة لأسعار الطاقة المرتفعة بالإضافة إلى خطة ترشيد الاستهلاك التي تتبعها الدول من أجل الحفاظ على مواردها من الغاز تحسبا للأزمة التي تلوح في الأفق مع اقتراب فصل الشتاء.
فكان الحل هو العودة للعصور البدائية، وإعادة استخدام الفحم والأخشاب للحصول على الدفء بدل للغاز، ففي بولندا، حيث الفحم هو الملك، اصطف أصحاب المنازل لشراء الوقود، فتوقفت عشرات السيارات والشاحنات أمام منجم فحم بوغدانكا، حيث تنتظر الأسر التي تخشى نقص الشتاء لأيام وليال لتخزين وقود التدفئة.
ويواجه 3.8 مليون بولندي يعتمدون على الفحم للتدفئة الآن نقصا وارتفاعا في الأسعار، بعد أن فرضت بولندا والاتحاد الأوروبي حظرا على الفحم الروسي في أعقاب دخول موسكو لأوكرانيا في فبراير.
وعلى الرغم من أن بولندا تنتج أكثر من 50 مليون طن من مناجمها كل عام، فإن الفحم المستورد من روسيا، هو عنصر أساسي في كل منزل فبالإضافة إلى أسعاره المنخفضة يباع في كتل أكثر ملاءمة للاستخدام المنزلي.
وفي مولدوفا أطلقت الحكومة موقعا خاصا على شبكة الإنترنت سيساعد المواطنين في العثور على حطب لتدفئة منازلهم، ويوفر المعلومات عن أقرب غابة لتسهيل عملية تزويد السكان بالحطب للتدفئة الذي أصبح نادرا في الآونة الأخيرة مع تجنب المزيد من الناس دفع فواتير الغاز الباهظة.
وبسبب النقص في الحطب، تم تحديد 5 أمتار مكعبة من الحطب لكل أسرة تباع بأسعار أقل من السوق، كما أطلقت حكومة البلاد أيضا خطا ساخنا حيث يمكن للناس الحصول على معلومات حول مخازن الحطب وإخطار السلطات بحالات الفساد وقطع الأشجار غير القانوني.
وتعاني أفقر الدول في أوروبا من صعوبات اقتصادية خطيرة مرتبطة بارتفاع أسعار الطاقة، والتي زادت تكلفتها بنسبة 29٪ في سبتمبر بعد ارتفاعها بنسبة 50٪ تقريبا في أغسطس.
وفي ألمانيا التي تستورد قرابة 70% من مصادر الطاقة من روسيا، حذر البنك الألماني من أن تفاقم أزمة الغاز في ألمانيا قد يدفع المواطنين إلى العودة لاستخدام الأخشاب بغرض التدفئة لمواجهة البرد القارس خلال الشتاء المقبل
وينتج الاتحاد الأوروبي 86 مليون متر مكعب من الخشب للتدفئة، وتحتل فرنسا المرتبة الأوروبية الأولى من حيث استهلاك الحطب للتدفئة البالغ 28.7 مليون متر مكعب، أي ثلث استهلاك الاتحاد الأوروبي تليها ألمانيا وإيطاليا والسويد والنمسا وفنلندا ورومانيا.
تعتمد التدفئة في الاتحاد الأوروبي بالدرجة الأولى على الغاز الطبيعي والوقود المنزلي، لكن مع أزمة الطاقة وارتفاع فواتير الغاز كان لابد من إيجاد بديل للنجاة من هذا الشتاء القارس.. فهل ينجح الحطب في الحفاظ على دفء أوروبا؟