مع الساعات الأولى لتداول حديث العقوبات الأمريكية على روسيا والمدعومة أوروبيا أيقن قادة دول القارة العجوز أن شعوبهم ستواجه شتاء قارسا في بلاد ارتبط فيها استهلاك الطاقة بالحياة اليومية، لكن دولة عربية غير متوقعة كانت على رأس اهتمامات أوروبا لعلها تجد للقارة الباردة ضالتها للحماية من برد شديد الأثر.
ما أن أيدت أوروبا العقوبات الأمريكية على موسكو مع اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية؛ حتى حول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ملف تصدير الغاز إلى القارة العجوز إلى ورقة ضغط سياسي رابحة في مواجهة يعلم بوتين مسبقة أن أمدها سيطول أمام كييف.
تدور المباحثات وفق تقارير إعلامية مغربية بشأن توفير بديل مناسب لأوروبا عن الغاز الروسي، وفق آلية تضمن وجود خط غاز جديد بينها وبين المغرب.. ومن المقرر أن يكون ذلك البديل هو خط الغاز «النيجيري – المغربي»، الذي يأتي ضمن إجراءات أوروبية تدريجية لتقليل الاعتماد على موسكو كمصدر لتوريد الغاز.
حتى الآن، لم يخضع تنفيذ خط الغاز المزمع بين المغرب وأوروبا إلى مدد زمنية محددة بشأن التنفيذ، لكن الخلاف بين الجزائر والمغرب قد يلقي بظلاله على عملية التنفيذ برمتها، وما أن تطرح فكرة تنفيذ الخط حتى ظهرت تساؤلات منطقية بخصوص الموقف الجزائري من إنشاء ذلك الخط فالمعروف على الجزائر أنها المصدر الأفريقي الأهم في توريد الغاز وهي الدولة الحاصلة على الترتيب السابع عالميا في هذا الشأن فضلا عن غناها بالغاز الصخري.
ولا يمكن دراسة خطط توريد الغاز المغربي الأوروبي بمعزل عن التصعيد بين الرباط والجارة العربية الشقيقة والذي ما أن يخبو برهة حتى يظهر أخرى، وقد سبق للجزائر أن قطعت الغاز عن المغرب بل إنها أغلقت خط الغاز بين المغرب وأوروبا، مما دفع الرياض إلى اجتماعات سريعة للجهات ذات الصلة وذلك بهدف الحصول على بدائل مناسبة لاقتصادها والحفاظ على خط التوريد القائم إلى القارة العجوز.
تعود تفاصيل إنشاء خط الغاز بين المغرب ونيجيريا إلى مذكرة تفاهم تم توقيعها بين دول غرب أفريقيا من ناحية، وبين الرباط من ناحية أخرى؛ وتستهدف تلك الاتفاقية تهيئة الظروف المناسبة لتصدير الغاز إلى القارة الأوروبية.
وتتضمن مرتكزا المشروع المزمع بين المغرب ونيجيريا؛ توفير الضمانات الفنية واللوجستية في إطار ضخ إمدادات الغاز المغربي إلى أوروبا بما يؤدي إلى تقليل اعتماد القارة العجوز على الغاز الروسي والجزائري. بحيث لا تترك قضايا الغاز رهن ظروف سياسية ما من ثابت فيها سوى التغير ذاته.
تزداد أهمية خط الغاز النيجيري المغربي، حال علمنا أن ت نيجيريا غنية بأكبر احتياطيات غاز في أفريقيا بحوالي مائتي تريليون قدم مكعب، كما ان نسبة كبيرة من ذلك الغاز غير مستغلة وهو ما يجعل تصديرها فرصة مضمونة لاستثمارها.
يشير خبراء الطاقة أيضا إلى أن القارة السمراء قد تكون أملا لأوروبا في سياق مساعي الأخيرة للحصول على غاز بديل للغاز الروسي والجزائري، لكن لا زالت إجراءات إنشاء الخط الجديد رهن تعقيدات ربما تختبر إرادة القادة في الدول الأوروبية كافة.