خطوة جديدة تباشرها مصر بشأن حقوقها المائية اتساقا مع إجراءاتها المعلنة وغير المعلنة بشأن تداعيات سد النهضة الإثيوبي بعد أن كسبت القاهرة دعما دوليا جديدا.
يبدأ الملء الرابع لسد النهضة الإثيوبي في تحد صارخ للقانون الدولي والاتفاقيات المتعلقة بالدول المتشاطئة مع الأنهار.
كعادتهم واصل الإثيوبيون إجراءات ملء سد النهضة دون أي تنسيق مع دولتي المصب.
تقتصر إجراءات الطمأنة الإثيوبية على تصريحات مقتضبة للجانب الإثيوبي بشأن احترام حقوق دولتي المصب.هذه التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الإثيوبيون تغاير العمليات القائمة في سد النهضة بشكل تام.
في الداخل الإثيوبي لا صوت يعلو فوق صوت التجارة السياسية بأسطورة النهضة الذي تثور بشأن انتاجه من الكهرباء تساؤلات كثيرة.
لا يتورع رئيس الوزاء الإثيوبي آبي أحمد عن التصريحات الاستفزازية والتي كان آخرها قوله: إن سد النهضة سيقلل مخاوف مصر والسودان.
يكرر آبي أحمد تصريحات موحدة المضمون ومفادها: أن أديس أبابا لا يستهدف الإضرار بمصر بينما يمتنع تماما عن التنسيق معها.
تواصل مصر تقديم ما تبقى لديها من رصيد الدبلوماسية في التعامل مع قضية السد حيث تكرر القاهرة مرارا وتكرارا أن المياه قضية وجودية.
تعتمد آلية الدبلوماسية المصرية في طرح أزمة سد النهضة الإثيوبي على أبعاد أساسية يتصدرها تهيئة الموقف الإقليمي والدولي لقضيتها.
جددت مصر التأكيد للولايات المتحدة الأمريكية على ما أرسته مسبقا من مبادئ وخلاصتها أن قضية المياه قضيتها الوجودية.
شددت القيادة المصرية على ذلك المبدأ المقدس لديها وابلغته إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال زيارته مؤخرا للقاهرة.
ترى الولايات المتحدة الأمريكية أن أطراف التفاوض بشأن سد النهضة يجب أن تراعي الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل.تدرك واشنطن جيدا وتؤكد مجددا – على لسان وزير خارجيتها – أن مصر ضامن لاستقرار المنطقة في العديد من الملفات.
استنفاد مصر لرصيد دبلوماسيتها في حل أزمة سد النهضة سيكون بداية النهاية لأسطورة إثيوبيا التي صدرها آبي أحمد لشعبه.
ترتكز مصر خلال طرح حلولها المرنة لقضية سد النهضة على أن التفاوض مع إثيوبيا بشأن «بناء السد والتنسيق معها» وليس بشأن الحقوق.
تؤمن مصر بأن قضية المياه والحقوق التاريخية في نهر النيل ليست موضوعا للنقاش أو التفاوض وذلك اتساقا مع مبادئ القانون الدولي.
تتمادى إثيوبيا في غيها دون اعتبار للقدرات النوعية الشاملة التي وصلتها مصر على المستوى العسكري والتقني.
أثبتت معطيات الأحداث على مدار السنوات العشر الماضية أن مصر قادرة على اتخاذ ما يلزم من إجراءات خارج حدودها وفق مقتضيات حماية أمنها.
رغم قوة مصر الراهنة لا زالت تقدم الحوار بديلا للنزاع والحلول السلمية بديلا للمواجهات وسبق للقيادة المصرية أن أصدرت إنذرا شديد اللهجة بهذا الشأن.
لطالما حذرت مصر بأنه حال التعرض لحقوقها في مياه النيل «ستحدث حالة عدم استقرار في المنطقة»، ولعل أديس أبابا تعي الدرس جيدا و تتخلى يوما عن سياسة عناد ترفع معدلات خسارتها إلى درجة غير مسبوقة.