لم يكد يمر نحو أسبوع على الفجر الكابوسي لزلزال تركيا وسوريا في أقصى شرق المنطقة، حيث ارتجت الأرض وارتجفت أوصالها لتفيق البشرية على جدران تهوي بالساكنين وهم نيام فتقذف بهم من عالم الأحلام إلى فزع اليقظة.. حتى وقع اليوم زلزال آخر لكن في غرب المنطقة العربية وتحديدا في المملكة المغربية.. فما الذي حدث وهل أصبح كابوس زلزال الحسيمة الذي وقع عام 2004 يخيم مجددا على المغاربة؟!
عاش أهالي منطقة الريف في المغرب لحظات عصيبة خلال الفترة الماضية، بسبب الهزات الأرضية المتكررة التي سجلتها محافظة الحسيمة.
ودفعت هزة أرضية جديدة اليوم بلغت قوتها 4.3 درجة على مقياس ريختر، العشرات من سكان محافظة الحسيمة، إلى ترك منازلهم في الساعات الأولى من صباح اليوم.
وسجل المعهد الوطني للجيوفيزياء في المغرب، صباح الأحد، هزة أرضية بلغت قوتها 4.3 درجات على مقياس “ريختر”، في إقليم الحسيمة شمالي البلاد.
وأفاد موقع “هسبريس” المغربي بأن المعهد قال في نشرة صحافية، إن مركز الهزة كان في جماعة النكور التابعة لإقليم الحسيمة، وقد وقعت في الساعة السابعة و59 دقيقة و31 ثانية صباحا بالتوقيت المحلي.
وبحسب النشرة، فإن الهزة، التي سجلت على عمق 18 كيلومترات، وقعت عند التقاء خط العرض 35.023 درجة شمالا، وخط الطول 3.864 درجة غربا.
وسبق أن وقعت هزة مماثلة ولكنها كانت بقوة 5.3 على مقياس ريختر خلال شهر يناير الماضي، في نفس المنطقة.. وهو ما أعاد للسكان المحليين كابوس زلزال الحسيمة الذي وقع عام 2004..
ولا تزال ذاكرة سكان الحسيمة تحتفظ بصور قاسية، لأسر كاملة كانت جاثمة تحت الأنقاض وجرحى يئنون تحت الركام، خلال الزلزال المدمر الذي ضرب المحافظة في 24 فبراير 2004.
ومخلفات الزلزال الذي حصد أرواح نحو ألف من السكان وأسفر عن المئات من الجرحى، أكثر ما يبعث القلق اليوم في نفوس من عاشوا تلك اللحظات المؤلمة.
وتعرف المنطقة منذ عقود نشاطا زلزاليا تعكسه الهزات المسجلة، وقبل هزة 2004، يتذكر بعضهم تفاصيل هزة أخرى سجلت عام 1994 راح ضحيتها شخصان.
وعام 2016، عاشت المنطقة حالة من القلق والترقب شبيهة بحالة اليوم، عقب عدد من الهزات خلفت خسائر مادية.
وهنالك زلازل كثيرة شهدتها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العقود الماضية. لكن أكثر دولتين تعرّضتا للهزات المدمرة هما تركيا وإيران حيث عاش السكان رعبا حقيقيا خلالها.
في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، تساءل مغاربة عن أسباب هذا الزلزال، وما مدى تأثيره على المملكة.
وحينها رد ناصر جبور، رئيس قسم المعهد المغربي للجيوفيزياء، قائلا إن الهزات الأرضية التي ضربت تركيا وسوريا، راجعة إلى تراكم الضغوطات في القشرة الأرضية لمدة طويلة، مشيرا إلى أن هذه المنطقة تعتبر نقطة تماس بين الصفيحتين العربية والأناضولية، والتي تسببت في حدوث زلازل تاريخية بهذه المنطقة.
وأوضح جبور، أن المغرب بعيد عن الصفائح التكتونية في تركيا بحوالي 3000 كيلومتر، مما يجعله بمنأى عن التأثّر بشكل مباشر بالأنشطة الزلزالية التي يشهدها هذا البلد.
وبالنسبة لإمكانية وقوع مد بحري (تسونامي) بالمناطق الشمالية للمغرب، يرى جبور أنه احتمال جد ضئيل في ظل عدم تسبب الزلزال الذي ضرب تركيا في تحركات كبيرة للمياه بالبحر الأبيض المتوسط.
وبخصوص التنبؤ بالزلازل، أبرز رئيس قسم المعهد الوطني للجيوفيزياء، أنه لا توجد لحد الآن إمكانيات للتنبؤ بالزلازل بشكل مؤكد على المستوى العالمي، حيث أن الأبحاث جارية لتطوير نظام رصد قادر على تحديد أماكن وقوع الهزات الأرضية.
وتبقى المنطقة الشمالية من المغرب الأكثر عرضة للنشاط الزلزالي، وفق جبور، الذي أرجع ذلك إلى التموقع في خط التماس بين الصفيحة الإفريقية والصفيحة الأوروبية في الجزء الغربي من البحر الأبيض المتوسط.
وحول التدابير الوقائية التي يمكن اتخاذها لتقليل الأضرار التي تسببها الزلازل، دعا المتحدث ذاته إلى اعتماد بناء مقاوم للزلازل، مشيرا إلى أن اعتماد هذا النوع من البناء ليس إلزاميا لكن يجب توعية المواطنين والمؤسسات باتباع هذا النوع من البناء.
لكن يبقى السؤال .. هل الزلازل المتكررة في منطقة الشرق الأوسط تشير إلى أننا أمام زلزال كبير قد يحل بالمنطقة عاجلا أم آجلا؟ لا نعرف الإجابة حتما .. لكن كل ما نملك هو أن نسأل الله السلامة للجميع.