تطورات الأوضاع في تونس الخضراء التي تطاردها لعنة البوعزيري

لم تخرج من النفق المظلم منذ 2010 حتى الآن، لعنة البوعزيزي مازالت تطاردها، فسقط نظام وجاء آخر وآخر إلا أن الوضع يتجه إلى الأسوأ دائما كأن لعنة الشاب الذى أضرم النار فى نفسه بسبب البطالة ما زالت تطارد أهل قرطاج.

يخوض الرئيس التونسي قيس سعيّد مع حكومة نجلاء بودن سباقًا ضد الزمن، لمحاولة احتواء الاحتجاجات الاجتماعية التي تزامنت مع عودة ملايين الطلاب والموظفين والعمال من إجازاتهم الصيفية.

أزمات اجتماعية سياسية أمنية شاملة، تهدد مستقبل الدولة التونسية، بسبب استفحال معضلات البطالة والفقر وغلاء الأسعار، ما قد يدفع البلاد نحو منعرج حاسم ومجهول العواقب.

ويعانى البلد الذى أسسها الفينيقيون، وحكم شواطئ المغرب الكبير وصقلية وإسبانيا يومًا ما، من أزمة مالية غير مسبوقة تشكو فيها شركات الدولة والقطاع الخاص من تدهور الوضع الاقتصادى بالإضافة إلى عجز عن توفير المواد الأساسية بسهولة والتحكم في أسعارها، بما في ذلك المواد الغذائية والمحروقات التي تضخّمت أسعارها خلال الأشهر القليلة الماضية.

ويلاحظ متابعو الأوضاع في تونس، أن النار مستعرة تحت الرماد، وأن الأوضاع فى طريقها للاشتعال فى ظل التحفظ على تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي، والتى منها إلغاء الدعم على المواد الأساسية والتخلص من الشركات العمومية «المفلسة» والتى تكلف الدولة كل عام مليارات من الدولارات.

كما أصاب الوضع الاقتصادى المنهار الدينار التونسى بخسائر فادحة إذ تراجع إلى مستوى قياسي مقابل الدولار، مما يهدد بتقويض احتياطيات تونس من النقد الأجنبي ويزيد ضغوط التضخم الذى ارتفع إلى 8.6% في أغسطس، وهو أعلى مستوى منذ قرابة ثلاثة عقود.

ويبدو أن منحنى المؤشرات السلبية للاقتصاد التونسى ما زال فى ارتفاع، حيث أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، عن وضع تصنيف تونس عند CAA1 قيد المراجعة من أجل الخفض.

وعلى المستوى السياسى، يخوض الرئيس التونسى قيس سعيد معركة أخرى، فعلى الرغم من الضغوط الداخلية والخارجية التي تمارَس على السلطة، منذ أكثر من عام “للعودة إلى المسارين الديمقراطي بعد قراره بحل البرلمان، فإن رئاسة الجمهورية أعلنت مجدداً عزمها على المضي في تنفيذ “الخريطة السياسية” وتنظيم الانتخابات البرلمانية المقررة لشهر ديسمبر المقبل في موعدها على الرغم من تلويح أحزاب المعارضة بمقاطعة هذه الانتخابات.

تونس ليست بمعزل عن العالم الذى يعانى اقتصاديا، فكبار أوروبا يتألمون بسبب أزمة الطاقة، إلا أنه يجب الحذر من وجود بوعزيزى جديد واندلاع الشرارة التى أخرجت آلاف التونسيين إلى الشارع رفضًا لأوضاع البطالة المزرية، وعدم وجود العدالة الاجتماعية، وانعدام التوازن في التنمية بين مناطق البلاد المختلفة.

Exit mobile version