«لا علاقات مكتملة ولا تضاد دائم».. بذلك المبدأ تترسخ معادلة العلاقات السعودية الخارجية في ظل عالم يموج بالاضطرابات.. ورغم توتر العلاقات بين واشنطن والرياض تباشر الأخيرة – من وراء ستار – عمليات أمنية دقيقة؛ بهدف حماية مصالحها حيث تطبق نظرية عسكرية جديدة لأول مرة في تاريخها.
تضع السعودية أمنها وأمن المنطقة على رأس أولويات قيادتها في ظل توتر طال حدودها الجنوبية و ممرات الملاحة الدولية.. ويعتزم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اللجوء إلى مزيد من التنويع في العلاقات السعودية الخارجية بعد أن استوعبت رياض جيدا أنه ما من ثوابت في إدارة ملف علاقاتها مع العديد من الدول.
«خطة يتم تنفيذها من وراء الكواليس».. بذلك اعترف مسؤول عسكري أمريكي بتنسيق متبادل بين الرياض وواشنطن، بشأن نظرية جديدة للأمن القومي السعودي تتضمن قيام الرياض بالحصول على مزيد من الإجراءات وركائز القوة لحماية مصالحها العليا.
بحسب رواية صحيفة المونيتور، أفصح الجنرال مايكل إريك كوريلا القائد الأعلى للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط عن النظرية الجديدة للأمن القومي السعودي في سياق التعاون بين الولايات المتحدة وبين البلد النفطي الأبرز في المنطقة، بإطلاق الرياض أول استراتيجية عسكرية وطنية للمرة الأولى في تاريخها.
يعترف المسؤول العسكري بما اعتبره «توترا في العلاقة بين إدارتي البلدين» لكنه لا يرى ذلك التوتر عائقا أمام اهتمام كل من الرياض وواشنطن بالخطط الاستراتيجية المشتركة.
التوتر بين السعودية والولايات المتحدة بلغ أوجه قبل زيارة الرئيس الأمريكي «جو بايدن» إلى المملكة حيث انعقدت قمة أمريكية سعودية كانت تأمل واشنطن خلالها أن ترفع المملكة مستوى إنتاجها من النفط بما يضمن انخفاض أسعاره والحفاظ على المصالح الاقتصادية الأمريكية.
وقتها شدد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.. على أن أقصى ما تستطيع المملكة إنتاجه من النِفط ثلاثة عشر مليون برميل يوميا.. وفي تعليق لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، على مكاسب بايدن من تلك الزيارة صرح «بن فرحان» للإعلام الأمريكي بأن «مجرد التقاط بايدن صورة مع ولي العهد السعودي مكسب كبير للرئيس الأمريكي».
بعدها أيقنت واشنطن أنها بحاجة إلى إعادة صياغة لأبجديات العلاقات بينها وبين المملكة العربية السعودية.. لكن ذلك لم يمنع الولايات المتحدة من الحفاظ على «شعرة معاوية» في العلاقات السياسية مع المملكة.
رغم تلك الملابسات لا زالت العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة والسعودية قائمة وإن كانت الأخيرة تدعم توجهها الاستراتيجي لتنويع مصادر التسلح وتوطين الصناعات العسكرية. وترى الرياض في الوقت ذاته أن أصدقاءها عليهم أن يحترموا ذلك التوجه.
ترسي السعودية في سياق تعاونها مع واشنطن آليات جديدة لإرساء نظريتها الخاصة لأمنها القومي والإقليمي بناء على وثائق تحمل اسم «رؤية المملكة الاستراتيجية للأمن القومي والأمن الإقليمي»، وهي الرؤية التي لم يتناولها الإعلام السعودي – حتى الآن- في ظل توجه المملكة إلى دعم علاقاتها بالصين وانتهاج مبدأ الحياد الإيجابي حيال النزاع الروسي الأوكراني.
ويرى الخبراء أن مسؤولين عسكريين في الولايات المتحدة باشروا جهودا دبلوماسية استهدفت بناء تحالف دفاعي إقليمي بشكل غير معلن على أن تكون السعودية طرفا فاعلا في ذلك التحالف.
تريد السعودية إزكاء جهودها من خلال نظريتها الجديدة لأمنها القومي والإقليمي، لدعم جهود تأمين حدودها الجنوبية والحفاظ على سلامة الممرات الملاحية الدولية ومنع محاولة أي دولة مناوئة من إزكاء أي توتر مذهبي أو سياسي في المنطقة.