لن يتم التفريط في شبر واحد من الأراضي المصرية أو الليبية أو حتى مجرد السماح ببقائه مصدر مخاوف أو توتر يستدعي تحركا عاجلا، هكذا أرست القاهرة مبادئها بشأن دولة الجوار الشقيقة.
تتعامل مصر مع الملف الليبي بحذر شديد، فالقاهرة التي طالما تقدم الدعم الأمني والسياسي إلى ليبيا تصر على أن يكون العام الجديد ألفين واثنين وعشرين هو عام احتواء ذلك الملف وإقرار حقوق الليبيين في دولة آمنة مستقرة تحافظ على ثرواتها وتحتفظ بعلاقات طبيعية طيبة مع دول الجوار من ناحية والمجتمع الدولي من ناحية أخرى.
تدرك مصر جيدا الأطماع التي تحيط بالثروات الليبية وأولها ثروات الغاز في الحقول المتواجدة بالمياه الإقليمية الليبية، وطالما شددت القاهرة على أنها والدول العربية كافة لن تسمح بأي تواجد لقوات أجنبية على الأراضي الليبية.
ترتكز منهجية مصر في التعامل الحالي مع الأزمة الليبية على دعم مبدأ التوافق التام بين مجلس النواب ومجلس الدولة، مع احترام مشروع الوثيقة الدستورية؛ المقرر أن يتم إقرارها في المجلسين.
تريد القاهرة أيضا ضمن استراتيجة التعامل مع الملف الليبي، استكمال الإجراءات المتمثلة في القوانين الانتخابية والإجراءات التنفيذية وتوحيد المؤسسات الليبية كخطوة هامة على صعيد المضي قدماً صوب إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في ليبيا في أقرب وقت، وفق رؤية وزارة الخارجية المصرية بهذا الشأن.
تعتبر مصر أيضا أن مسار اللجنة الدستورية الليبية المكونة من المجلسين، المدعوم برعاية الأمم المتحدة، هو المسار الرئيسي الذي يجسد إرادة الشعب الليبي باعتباره جاء بملكية ليبية خالصة من جانب المؤسسات الليبية ذات الاختصاص، وبهدف استيفاء جميع الأطر التي تتيح تنفيذ التسوية السياسية نحو المستقبل.
تدرك القاهرة جيدا على المستوى الأمني أهمية تأمين الحدود المصرية الليبية غربا والممتدة بطول يبلغ نحو ألفين ومائتي كيلومتر، وتريد الوصول بإجراءات التأمين السارية لتلك الحدود إلى أعلى معدلاتها.
ترفض مصر والأشقاء العرب أي تواجد محتمل لقوات أجنبية على الأراضي الليبية تحت أي ظرف أو مبرر، وذلك اعتدادا بأن الليبيين أنفسهم قادرين على تأمين بلادهم وثرواتها النفطية بجيشهم الوطني باعتباره المؤسسة التي تلقى القبل الأكثر بين أبناء الشعب الليبي كافة.
وفي سياق تلك الرؤية تجدد مصر من حين إلى آخر أنها ستظل دائماً على موقفها الداعم لخيارات الشعب الليبي، ومساندة لدور المؤسسات الليبية، وبما يفضي إلى تحقيق أمن واستقرار ووحدة ليبيا، وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من أراضيها.
وتستند الرؤية المصرية حيال الملف الليبي على حتمية الحفاظ على سيادتها ومقدرات الشعب الليبي الشقيق، تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن ومخرجات مساري باريس وبرلين ذات الصلة.