الأزمات فى بلد الحضارات لا تأتى فرادى فمع الأوضاع السياسية والأمنية الداخلية التى تعانى بغداد ويلاتها، تلعب الطبيعة دورًا آخر فى استمرار أوجاع بلاد الرافدين فيواجه العراق شح مائى قد يهدد الأمن الغذائي والحياة كما نعرفها .. فهل جفت أنهار الجنة؟
أزمات متتالية يعيشها المواطن العراقى، كأنه كتب عليه أن لا يعرف الهدوء فما بين أزمات سياسية وطائفية، وأمنية، يعانى أيضًا المزاراع العراقى من الشح المائى وعدم توافر المياه من أجل رعاية أرضه، نتيجة لشح المطر خلال السنوات الأخيرة مع التغيرات المناخية التى أصابت كوكب الأرض.
أزمة الجفاف في العراق
وأكدت وزارة الموارد المائية العراقية، أن العام الجاري 2022، هو من أقسى سنوات الجفاف في العراق على مدى نحو قرن وتحديدا منذ العام 1930، محذرة من أن الخطة الزراعية الشتوية ستكون في وضع بالغ الحراجة حال استمرار غياب الأمطار.
في الوقت ذاته، تتوقع التنبؤات المناخية موسما آخر شحيح المطر في العراق، ليكون الموسم المقبل أكثر قسوة على الفلاح العراقى مع استمرار الشح المائى، لاسيما أن العراق وفق تصنيفات منظمة الأمم المتحدة، هو خامس أكثر بلدان العالم تضررا بظواهر التغير المناخي.
وما يزيد خطورة الوضع فى أرض بلاد الرافدين، هو اتساع نطاقات التصحر وتراجع المساحات الزراعية والخضراء، وتضرر موسم الزراعة الشتوية، وبالتالى سينعكس ذلك بخلق أزمة جديدة وهى ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمنتجات الزراعية في الأسواق العراقية، والتي باتت تثقل كاهل المستهلكين، بما يمثل خطورة على الأمن الغذائي للبلاد ككل.
وتتضح آثار العجز المائي بمعظم مناطق العراق، بسبب موسم الجفاف الطويل الممتد على مدار عامين ماضيين وعام ثالث نعيش شهوره الأخيرة، حيث تخلل هذه السنوات العجاف انقطاع بهطول الأمطار في ثلثي مساحة العراق باستثناء شمال وشمال شرق البلاد”.
وتحول العراق من دولة كانت أشبه بالسلة الغذائية لمحيطها العربى، إلى دولة عاجزة عن توفير احتياجاتها بسبب التغيرات المناخية وشح الأمطار، بالإضافة إلى الانخفاض الهائل لمنسوب المياه في نهر دجلة.
وحذّرت الأمم المتحدة من أن العراق يشهد مظاهر لقلة الأمطار وتأثيرها في مناسيب نهري دجلة والفرات بنسب وصلت إلى 73%، وارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات أسرع بـ7 مرات من الارتفاع العالمي، وكذلك عدم التوازن السكاني بنسبة 70% في المناطق الحضرية، على نحو أدى إلى تراجع الزراعة”.
وينذر الجفاف الكبير الذى أصاب البحيرات والأنهار في العراق خلال الأشهر القليلة الماضية، بكارثة إنسانية تزامنًا مع استمرار أزمة الجفاف العالمية.
وحاولت الحكومة العراقية تنسيق جهودها، من أجل وضع خطة للموسم الزراعي الشتوي، فشددت على المزارعين بعدم زراعة المحاصيل التي تحتاج إلى كميات مياه كبيرة مثل الأرز، والاعتماد على الأمطار لتأمين احتياجات الموسم الزراعي القادم من المياه.
إلا أن الخطة وضعت على أساس توافر الأمطار، وبالتالى فشلها سيكون كبير فى حال كان الشتاء القادم شتاء فقيرا مطريا، وهو الاحتمال الأكثر واقعية بظل تسارع وتائر التغير المناخي المتطرف، والتنبؤات التي تشير لشتاء ذو برد قارس مع انقطاع هطول الأمطار لأكثر من 60 بالمئة من مساحة العراق، ما سيدفع قاطني المناطق الزراعية لترك مزارعهم واللجوء لمراكز المدن بحثا عن لقمة العيش”.
كما خفضت وزارتا الزراعة والموارد المائية في العراق، في شهر أكتوبر من العام الماضي، المساحة المقررة للزراعة في الموسم الشتوي بنسبة 50 في المئة قياسا بالعام 2020، وذلك بسبب قلة الإيرادات المائية.
الخاتمة:
الأزمات العراقية مترابطة الأمنية منها والاقتصادية والزراعية والمائية، وهكذا هي تتداخل مع الوضع السياسي المضطرب ما تسبب في غياب التخطيط على كافة المستويات.