العاشرة صباحًا، والناس نيام، أنهى عمله الذي يراه كـ”البطولة” النادر وجود جائزة لها في منبره، وكأنه يرى وحده الجائزة ويسعى لنيلها، يحمل البُشرى من “مولاه” بأنه سيفوز بالجنة ونعيمها، يقتل ويشرد فتطمئن روحه وتسكن.. أفرغ نصف أعيرته النارية في هجوم كنيسة مارمينا الكائنة بحلوان، وبات يتسلل هربًا في الشوارع الفارغة قارسة البرودة.
المشهد كان درامي بحت، إرهابي وحيد يسير منفردًا في شوارع حلوان الفارغة من المارة، يُطلق أعيرة نارية بين الحين والآخر طالبًا في إيجاد أحدهم مستيقظ فيظفر بجائزة جديدة، تناسى أنه ترك سلاح رجل الأمن المكلف بتأمين الكنيسة بعدما قام بقتله منذ بضع دقائق في بقعة دموية مغايرة.
انطلق نحو شارع يقتظ بالمارة في أوقات معروفة بين السكان هناك في منطقة حلوان، بعد عدة أعيرة تجمع السكان مختبئين خلف الستار حاملين عدسات كاميرات الهواتف النقالة كسلاح الجريمة، وفجأة.. بعدما كانت الرصاصات تخرج من ناحيته باتت تُصوب ضده، حتى سقط أرضًا بشكل مفاجئ، وتعالت صيحات “الله أكبر” عالية.
فهلل المواطنون الواقفون خلف ستار شرف منازلهم، وأندلعت الزغاريد وكأن هدفًا في الدقيقة 90 أصاب مرمى الخصم في مباراة حاسمة نهائية، والمفاجأة أن الإرهاب بقى جالسًا أرضًا في محل سكون مُمسكًا بساقه المصاب فقط، لم تهدأ الزغاريد إلا بعدما تسلل المشهد شاب عشريني بسيط مهرولًا في اتجاه الإرهابي من خلفه.
انحبست الأنفاس لثوانٍ وكأن هجمة من الخصم في طريقها إلى مرمى فريقنا الوطني لتسدد كرة التعادل، إلا أن الشاب العشريني فاجأ الجميع كما الإرهابي، انقض عليه حتى أبعد سلاحه الآلي، بات يتعارك معه بالأيدي، فخرجت الجيوش المصرية من بيوتها، وكأنها تساند الشاب رافعين شعار: ” لن تكون وحدك أبدًا “.
بأيدي عارية تمامًا، فارغة، أن تقترب من أرضها، وطنها، عرضها، أتركها فقط ستُظهر لك نفسها ببراعة، وكأن الأرض انشقت فجأة وكشفت عنهم في مشهد بطولي تقشعر فيه الأبدان، لم يتركوا الشاب العشريني وحده أبدًا في تلك النقطة العمياء رفقة إرهابي خسيس.