يبدو أن هناك العديد من الأسباب المؤكدة التي تحتم علينا جميعاً تقبل فرضية إنهيار سد النهضة الاثيوبي يوماً ما فبعض النظر عن بناء السد الاثيوبي على تربة طينية بالأساس وعدم مراعاة أفضل المعايير الدولية والضوابط العالمية الخاصة بأمان السدود في بناءه بصفة عامة ناهيكم عن وقوع جسم السد فوق الحزام والفالق الإفريقي الخاص بالبراكين والزلازل غير أن هناك سبب جديد لم يكن متوقعاً أو في الحسبان سوف يتسبب في إنهيار سد النهضة الاثيوبي بأسرع مما كنا نتوقع وذلك بحسب كلام أحد الخبراء العالميين .
ففي حديث لأحدي الشبكات الإعلامية العالمية ، أكد خبير المياه نادر نورالدين أن “التغيرات المناخية أحدثت تغييرا جوهريا في هطول الأمطار بمنابع النيل حيث تتحرك شمالا”، لافتا إلى “مخاوف حقيقية من انهيار سد النهضة”.
الدكتور نادر نور الدين قال خلال حديثه أنه “يشير التقرير الأول للهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ عام 2007 إلى أن إحدى تداعيات تغير المناخ العالمي على منابع نهر النيل في إثيوبيا، هي أن الهطول المطري قد يتناقص بنسبة 70%، أو قد يزيد بنسبة 30%، مع احتمالات حدوث إزاحة للأمطار شمالا”.
ويضيف نور الدين قائلا “يبدو أن الأمرين الأخيرين قد تحققا، وللعام السادس على التوالي، حيث زادت مياه الفيضان هذا العام بنسب كبيرة، وحدث إزاحة لبعضها شمالا، لتغرق شرق ووسط وشمال السودان، ولتصل لأول مرة إلى مدينة أسوان على الحدود المصرية السودانية، ومع هذه الزيادة، يزيد رصيد أنهار النيل الثلاثة التي تنبع من إثيوبيا، وهي الأزرق وعطبرة والسوبات، بنسبة 50% على الأقل عن متوسط تدفقاتها، بحيث تصل تدفقات النيل الأزرق وحده إلى 75 مليار متر مكعب بدلا من 50 مليار في المتوسط، كما يزيد تدفقي نهري الرهد والدندر اللذين ينبعان من الحدود السودانية الإثيوبية خلف سد النهضة الإثيوبي بنسبة 100%، بحيث يصلا إلى 10 مليار متر مكعب بدلا من 5 مليارات، وبالمثل تضاعفت مياه نهري عطبرة وستيت في الشمال الإثيوبي (12 مليار متر مكعب)، والمتجه إلى شمال شرق السودان بنسب كبيرة”.
وأسترسل خبير المياه الدولي فقال: “وبالرغم من تخزين إثيوبيا هذا العام لنحو 16 مليار متر مكعب أمام سد النهضة، فإن مياه السيول المطرية وفيضانات أنهار الأزرق وعطبرة والسوبات التي تنبع من إثيوبيا تحولت على شرق السودان إلى سيول مطرية وتدفقات نهرية جارفة، تسببت في رحيل أكثر من 100 مواطن حتى الآن، وكذلك تسببت في هدم آلاف المنازل، وانجراف الأراضي الزراعية، نظرا للانحدار الكبير من الشرق السوداني على الحدود الإثيوبية في اتجاه العاصمة الخرطوم، ثم في الاتجاه الشمالي صوب مصر، بما يزيد من سرعة تحرك تجمعات مياه السيول المطرية، ويحولها إلى سيول جارفة شديدة الضرر، بسبب هذا الانحدار، والذي يزيد من قدرتها التدميرية بما يتسبب في انجراف ودحر آلاف الأفدنة ومنازل القرى التي تقع في طريق مجرى السيل مع سرعته”.
واستكمل الدكتور نادر نور الدين: “نظرا لهشاشة مناطق شرق ووسط السودان للتأقلم مع تغيرات المناخ والسيول المطرية الجارفة، فإن هذه السيول المنحدرة السريعة تجرف كل ما يعترض طريقها من بنى تحتيه ضعيفة ومنازل وأراض زراعية وخطوط الكهرباء والمياه والاتصالات، بما يزيد من فداحة الخسائر في الشرق والوسط السوداني، الذي زاد هذا العام عن معدلاته في الأعوام الخمس الماضية، ويصل جزء كبير من مياه هذه الأمطار إلى مجرى أنهار نهر النيل الثلاثة، الأزرق وعطبرة والسوبات، والأخير يصب في النيل الأبيض في جنوب السودان، بما يزيد من رصيد مياه النيل الموحد الذي يصب في بحيرة السد العالي جنوب مصر والتي تمتد بطول 150 كم داخل السودان، ونحو 350 كم في الأراضي المصرية”.
وتابع: “هذا الأمر يزيد من المخاوف السودانية المصرية حول احتمالات حدوث انهيار جزئي أو كلي لسد النهضة الإثيوبي المقام على الحدود الإثيوبية السودانية، في اتجاه الانحدار الكبير داخل الأراضي السودانية حتى العاصمة، ومنها إلى مصر، بما يزيد من القدرة التدميرية لمخزون المياه في بحيرة السد الإثيوبي، التي تصل في نهاية الملء إلى 75 مليار متر مكعب قد تدمر كل ما في طريقها داخل الأراضي السودانية، ووصولا إلى السد العالي في مصر
وفي الختام هل تعتقدون أنه سيكون للتغير المناخي اليد العليا في القضاء على سد النهضة الاثيوبي انهياره.