رد مزلزل من معاوية بن ابي سفيان على عرض هرقل بتقديم رأس على ابن ابي طالب

«علمنا بما وقع بينكم وبين علي بن أبي طالب، وإنَّا لنرى أنكم أحق بالخلافة منه، فَلَو أمرتني بعثت إليك جيشاً يأتون إليك برأس علي» كان هذا نص الرسالة قيصر الروم التي أرسلها لمعاوية بن أبي سفيان، في محاولة لاستغلال الصراع السياسي بينه وبين علي بن أبي طالب، ليجيء بعدها رد معاوية بكلمات زلزت أركان قيصر الروم قائلا: «وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ وَتَرْجِعْ إِلَى بِلَادِكَ يَا لَعِينُ لَأَصْطَلِحَنَّ أَنَا وَابْنُ عَمِّي عَلَيْكَ وَلَأُخْرِجَنَّكَ مِنْ جَمِيعِ بِلَادِكَ وَلَأُضَيِّقَنَّ عَلَيْكَ الْأَرْضَ بِمَا رَحُبَتْ».

مثل تلك الرواية تأتي في زمن تأجج فيه الصراع بين معاوية وعلي بن أبي طالب، فمنذ أن تولى علي بن أبي طالب الخلافة، كانت المعارضة السياسية حاضرة له منذ الشهور الأولى لتولي الحكم، أولها كانت بقيادة معاوية بن أبي سفيان بالشام، وأخرى تركزت بالمدينة المنورة.

لكن حتى صفوف الإمام علي لم تكن متوحدة على قلب رجل واحد، فقد كان منهم فرقة ممن خرجوا على عثمان وقضوا عليه،وجود مثل هؤلاء في جيش الإمام أغضب معاوية بن أبي سفيان.

فهو قبل كل شيء سيد بني مخزوم والمسؤول الأول عن أخذ الثأر لعثمان، لكن ومع ذلك فلم يستجب معاوية بن أبي سفيان لطلبات قيصر الروم، والسؤال هنا هل صحت تلك الرواية المزعومة؟

في الحقيقة مصداقية الرواية غير مستبعدة بأي حال، وبالأخص منها رد معاوية، فهو قبل كل شيء رد يعكس بعضا من صفات معاوية التي تفرد بها، فقد عرف عن معاوية بن أبي سفيان الدهاء والحيلة.

وكان من الحكمة والحنكة أن يرد بمثل هذا الرد على قيصر الروم، فدخول قيصر الروم في صفه على خط المواجهة بينه وبين علي، ما هو إلا انتقاص منه أمام أنصار علي وأمام الأمة كلها، وقبل كل شيء أمام جنده هو نفسه، وبالتالي فلا غرابة في أن ينتصر معاوية لعلي ويدافع عنه، بل إنه من الطبيعي والمتوقع أن يحدث الأمرُ نفسه إن انقلبت الأية.

وأرسل قيصر الروم لعلي بن أبي طالب نفس الرسالة لنفس الأسباب، لكن صحة الرواية من عدمها يشوبها الكثير من المغالطات، كما أن أصل الرواية ذاتها مجهول وإسنادها غير معلوم.

وعموما فإن هذا الخلاف السياسي انتهى بالاتفاق في النهاية، فقد اتفق الأطراف في وثيقة التحكيم على تأجيل القضية، وأن يتم اختيار خليفة للمسلمين بعد عام حتى لتنتهي حدة الخلاف بين الإخوة.

لكن الخلاف لم ينتهي أبدا ودخلت طائفة جديدة على خط الأحداث مما أدى لإشعال الخلاف مرة أخرى، ومازال الخلاف قائما من وقتها إلى يومنا هذا.

Exit mobile version