لم يجد عدد من أباطرة صناعة القرار في الولايات المتحدة بعد عشرة أشهر ونصف شهر من المواجهة بين روسيا والولايات المتحدة، لم يجدوا بدا من الاعتراف بالحقيقة المرة بعد معطيات الأحداث على الأرض.
رغم الرواسب التاريخية القائمة بين روسيا والولايات المتحدة، اعترف وزيران أمريكيان في تقييم موضوعي للصراع الروسي الأوكراني بحقائق تتعلق بمقارنات القوة بين طرفي المواجهة.
الاعتراف الصادر من اثنين من كبار المسؤولين عن صناعة القرار في الولايات المتحدة تكمن قوته في أن صاحبيه توليا من قبل مسؤوليات هامة بشأن السياسة الخارجية الأمريكية.
الاعتراف الأمريكي صدر من وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس ووزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت جيتس.
يوثق الاعتراف المنشور للوزيرين في صحيفة الواشنطن بوست، حقيقة لا مفر منها و مؤداها أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيظل ملتزما بأن يعيد أوكرانيا كاملة إلى سيطرة روسيا وإلا يجعلها دولة غير قابلة للحياة.
الرؤية الأمريكية المفاجئة التي يدعمها الوزيران مفادها، أن بوتين يربط بين مصيره التاريخي وبين إعادة الإمبراطورية الروسية مجددا إلى الحياة، وركيزة ذلك التوجه أنه لن يتم تنفيذه دون إعادة أوكرانيا إلى الخريطة الروسية.
«الهزيمة لم تع خيارا أمام الرئيس الروسي»، بذلك الاعتراف أرسى المسؤولان الأمريكيان حقيقة مفادها أن بوتين بعد أن انتوى استعادة حلم الأمبراطورية، ما من خيار أمامه سوى حسم المواجهة الحالية لصالحة، على أن يكون البقاء في حالة سيطرة عسكرية كاملة على الوضع الراهن هو زاده الوحيد في ذلك.
يريد بوتين أيضا السيطرة على الأربع مناطق الأوكرانية التي انتوى ضمها إلى روسيا، وفي ذات الوقت ضمان حسم أي مواجهة محتملة بشأن إقليم دونباس والسيطرة على السواحل الأوكرانية على البحر الأسود.
يعترف الوزيران الأمريكيان أيضا، أن سبب البقاء الأساسي لوضع الاقتصاد الروسي الراهن هو استمرار الدعم الأمريكي والغربي المقدم إلى كييف، ذلك الدعم الذي ليس من الممكن أن يبقى إلى الأبد.
وعلى المستوى العسكري ترسخ الرؤية الأمريكية ضمان بقاء معادلة التوازن العسكري الراهن على الأرض بالتزامن مع المواجهات الحالية ببقاء الولايات المتحدة الأمريكية على موقفها الراهن في إمداد كييف بالمساعدات العسكرية التي تتمثل في منظومات الدفاع الحديثة ومزيد من الآليات العسكرية النووعية.
بالنسبة لبوتين فقد وضع القيصر خططه الاستراتيجية «طويلة الأمد» واستبق التطورات العسكرية الراهنة على الأرض بوعد الشعب الروسي بتطوير جيشه بشكل تدريجي بحيث لا يشكل التطوير ضغطا على الاقتصاد الروسي.
يعتزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضا في سياق طول أمد المواجهة مع الجانب الأوكراني الاستمرار في دعم قائمة الحلفاء والتي تتصدرها الصين صاحبة الاقتصاد الأقوى في آسيا. مع الاستمرار في سياسة «تحييد المخاطر». بحيث تضمن موسكو مزيدا من معطيات القوة في المواجهة بينها وبين أوكرانيا التي تتلقى الدعم اليومي من الولايات المتحدة.
تتفاقم تداعيات المواجهة تعقيدا، ولا زال أمل يلوح في الأفق في مقاربة دبلوماسية تطوي صفحات المواجهة وتضمن للعالم أن يتفادى تداعيات صراع لن تحصد البشرية منه سوى آثارا صعبة الاحتواء.