على مساحة 3.4 مليون كيلومتر، شمال شرق المحيط الهادي تقع قارة سكانها ليسوا من البشر، لكنها من صنع أيديهم.
ليست قارة صخرية أو صحراوية ولا تعلوها الجبال الشاهقة، بل هي مكونة من جميع أنواع مخلّفات البشر، ما هي تلك النفايات؟ ولماذا تجمعت بتلك الطريقة؟ وهل تهدد تلك القارة الجديدة الحياة على كوكبنا؟
يعود تاريخ اكتشاف تلك القارة إلى عام 1997، عندما كان عالم البحار الفرنسي تشارلز جيه مور يخوض رحلة عبر البحار، وأثناء رحلته تلك اكتشف مساحات شاسعة من البلاستيك والمخلفات البشرية، بلغت مساحتها ست أضعاف مساحة فرنسا.
جغرافيا القارة الجديدة عبارة عن أطنان من “النفايات البلاستيكية”، تشكل النفايات البلاستيكية نحو 90 في المائة من مساحتها، وهي مساحة مرشحة للزيادة في الأعوام القادمة.
ما هو سبب تشكل قارة النفايات؟
في الأعوام الماضية، قفزت صناعة تصنيع البلاستيك قفزة مرعبة من 15 مليون طن لسنة 1964 إلى أكثر من 310 ملايين طن في عام 2014.
حتى أن كمية المنتجات البلاستيكية المنتجة منذ عام 1945 إلى اليوم، بلغت نحو خمسة مليارات طن، ومن المتوقع أن تصل إلى 30 مليار طن مع نهاية القرن الحالي، وتنتج المصانع حاليا على مستوى العالم ما يزيد على 380 مليون طن من البلاستيك سنويا.
صناعة المواد البلاستيكية من الصناعات الملوثة للبيئة والضارة بالصحة العامة، وأحيانا يتطلب تصنيع هذه المواد استعمال محاليل سامة لتسريع الإنتاج.
لكن المشكلة الأساسية تكمن أن تلك المخلفات لا يعاد تدوير سوى 16% فقط من نفاياتها، والباقي يتم التخلص منه في الطبيعة، وهكذا وجدت هذه المادة طريقها إلى المحيط وتراكمت واستطاعت أن تكون قارة كبيرة ضخمة.
علاوة على الانبعاثات والغازات الضارة والتي ينتهي المطاف بمعظمها في البحار والمحيطات، ملوثة إياها ومسببة ضررا لبعض الكائنات قد يصل في بعض الأحيان إلى الهلاك.
ووفقا للتقديرات هناك ما لا يقل عن ثمانية ملايين طن من البلاستيك، ينتهي بها المطاف في المحيطات كل عام.
ونظرا لأن البلاستيك مادة صعبة التحلل، لدرجة أن تفكك واختفاء بعض أنواعه يحتاج إلى نحو أربعة قرون كاملة وهو ما يفسر كيفية تشكل القارة البلاستيكية السابحة في أعماق المحيط.
خطورة قارة النفايات
تسبب التلوث البلاستيكي في المحيط بتراجع أعداد الأسماك والطيور والثديات البحرية، بمعدل النصف تقريبا خلال الفترة بين عامي 1970 إلى 2010.
كما تزايدت ما يسمى بالمناطق البحرية الميتة، وهي مناطق ويتوقع في غضون 30 عاما أن تفوق كمية المواد والنفايات البلاستيكية المتسربة للمناطق البحرية كمية المصايد والأسماك المتاحة في بعض المناطق البحرية.
الاهتمام بتلك المنطقة شبه معدوم للأسف نظرا لأنها تبرز في منطقة تصنف ضمن نطاق المياه الدولية، ما يجعل باقي الدول غير مبالية على اعتبار أنها بعيدة عن إقليمها.