هل دخل العملاق الصيني معادلة استعراض القوة في الأزمة بين بكين وجزيرة تايوان؟ أم أرادت الصين توجيه رسالة مبطنة إلى تلميحات الدعم الغربي إلى تايوان؟.. سنياريوهات جديدة تفرض نفسها على الأزمة الصينية التايوانية.. فما القصة؟
لم تعد السيطرة الصينية بمحيط جزيرة تايوان سرا على دول الجوار، خصوصا بعد الأزمة الروسية الأوكرانية التي باتت أمام بكين دروسا عملية تدير بها خطط تقدير الموقف في أي صراع محتمل على الجزيرة.
ما أن اندلعت الأزمة الروسية الأوكرانية، حتى أيقنت الصين أهمية السيطرة على مخططات الدعم الخارجي لأي طرف من أطراف النزاع حال الرغبة الصادقة في تحييد مخاطر الصراعات. وهو ما يفسر أسباب تكثيف التدريبات الصينية بحرا وجوا قرب جزيرة تايوان بل وفي سماء محيطها.
الجيش الصيني الذي لم يختبر من قبل في صراع مباشر بتاريخ الصين الحديث دأب منذ بدء التصريحات الأمريكية التي تتناول وضعية جزيرة تايوان توجيه رسائل مباشرة بإجراء مناورات وعمليات تكتيكية محددة الأهداف، مفادها: أن بكين قادرة على الفعل إذا أرادت.
الصين قررت هذه المرة تكثيف عمليات التحليق الجوي ونشر آلياتها العسكرية في مواقع محددة تخشى تايوان أن تكون نذير تحرك محتمل للجيش الصيني ضدها، خصوصا وأن قدرات تايوان ليست على مستوى المقارنة بينها وبين قدرات الترسانة العسكرية الصينية.
تحليق الطيران الصيني وصل إلى 36 طائرة قرب جزيرة تايوان التي حبست أنفاسها، بعد إعلان وزارة الدفاع الصينية أن عشر طائرات من تلك الأسراب حلقت أعلى الخط الأوسط في مضيق تايوان والذي يفصل جغرافيا بين الجزيرة والبر الرئيسي الصيني.
المخاوف لدى الجانب التايواني تتعلق أيضا بالقدرات التكتيكية للطائرات الصينية أنواع «شنيانغ جيه 11، وجيه 16» والتي شاركت في المناورات بكفاءة عالية، فضلا عما اشتهرت به تلك الطائرات من أداء مهام نوعية وتنفيذ استهداف دقيق لأهداف بعيدة المدى، بالإضافة إلى قدراتها النوعية في فرض السيطرة الجوية التامة في زمن وجيز.
تلي التدريبات والمناورات المشار إليها توجيهات الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي أكد على جيشه ضرورة البقاء في حالة التأهب العسكري الدائم، فيما يواصل المسؤولون الصينيون التأكيد على أن سياسة «الصين الواحدة» مسألة لا تقبل المساومة.
أما الجانب التايواني فيعارض بشدة مطالب الصين باعتبار الجزيرة «سيادة صينية»، وترى الحكومة التايوانية أن 23 مليونا هم سكان الجزيرة وهم وحدهم دون غيرهم الذي يقررون ويختارون مستقبلها.
الموقف التايواني الجرئ لا يقتصر على مجرد المعارضة اللفظية لتحركات الصين، إنما يشمل أيضا استثمار الدعم الغربي المقدم إلى الجزيرة، التي شهدت طيلة السنوات الماضية إبحار سفن عسكرية أمريكية إليها.
كانت السفن المبحرة إلى تايوان تابعة إلى بريطانيا وكندا ومرت عبر مضيق تايوان وسط رفص صيني تام لتلك الإجراءات حيث لا زالت بكين ترى أن تايوان تابعة لها وتحت كامل سيادتها الأمر الذي تقف ضده حكومة تايوان بالمرصاد.
تجدر الإشارة في ذلك الصدد أن الزيارة التي قامت بها رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان في أوائل أغسطس الماضي قد أغضبت الصين، وأجرت الصين بعد ذلك تدريبات عسكرية بالقرب من الجزيرة.