الغاز هو العملة الصعبة فى العالم الآن، به يأتى الدفء وتدور الماكينات وتدب الحياة، وتسابق الدول الأوروبية الزمن لتوفيره مع إنحسار الواردات الروسية إلى القارة العجوز، فكان لابد لها أن تبحث عن مخطط السرى للعبور بأمان.
فتسابق الدول الأوروبية الزمن من أجل توفير إمدادتها من الغاز قبل أن يدق الشتاء الأبواب معلنًا قدوم أقصى الفصول فى تاريخ القارة العجوز والذى يصاحبه أزمة كبيرة فى إمدادات الغاز الحيوية، لتوفير سبل الحياة ولأجل التدفئة، نتيجة لتأثر إمدادت الغاز القادمة من روسيا عبر خط “نورد ستريم 1” واستهداف نورد ستريم 2 وخروجه عن الخدمة.
إجراءات أوروبا لتعويض الغاز الروسي
وفى محاولة للنجاة وتخطى الشتاء المقبل اتخذت دول القارة العجوز العديد من الإجراءات، إلا أنها مازالت تواجه تحدى كبير لتعويض الغاز الروسى، حيث تزود موسكو أوروبا بنحو 40 % من احتياجاتها من الغاز.
فتسعى الدول الأوروبية إلى زيادة مخزوناتها من الغاز من 80 % إلى 90 %، لكن هذا لن ينجيها من فصل الشتاء في حال كان شديد البرودة وطويلاً، لأن المخزونات بالكاد تكفي لمدة ثلاثة أشهر في حال كان فصل الشتاء طبيعياً، ولذلك قامت أيضًا بخمسة إجراءات قصيرة ومتوسطة المدى تتخذها أوروبا لمعالجة أزمة نقص الغاز، يتقدمها تمديد فترة عمل محطات الطاقة التي تعتمد على الفحم وإعادة إحياء بعض المحطات التي أغلقت في السابق والتي تعمل على الفحم أيضاً، إضافة إلى تمديد العمل في محطات الطاقة النووية في كل من ألمانيا وفرنسا، وتمتلك الأخيرة 56 مفاعلاً 32 منها خارج الخدمة بسبب الصيانة أو القدم، وتعمل حاليا على إحياء نصف هذه المفاعلات استعدادا لفصل الشتاء المقبل.
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة، أن تدابير ترشيد استهلاك الغاز في أوروبا ستكون “حاسمة” هذا الشتاء للحفاظ على المخزون بكميات تكفي في حال الانقطاع التام للغاز الروسي ووقوع “موجة برد متأخرة”، محذرة في الوقت نفسه أوروبا من عواقب انقطاع كامل محتمل للغاز الروسي، اعتبارا من هذا الشتاء وفي العام المقبل.
ونبهت الوكالة أنه بدون تخفيض للطلب على الغاز، وفي حال انقطعت الامدادات الروسية تماما، فإن المخزون سيكون أقل من 20 % بشهر فبراير، وذلك في حال وجود مستوى عالٍ من الإمدادات بالغاز المسال، وأنه سيكون المخزون بحدود 5 % إن كانت إمدادات الغاز السائل ضعيفة، لافتة إلى انخفاض المخزونات إلى تلك المستويات يزيد من خطر الانقطاع التام للإمدادات في حال حصول موجة برد متأخرة.
روشتة لأوروبا لعبور الشتاء بأمان في ظل أزمة الطاقة
ووضعت الوكالة روشتة للدول الأوربية لعبور الشتاء بأمان، مؤكدة أنه على أوروبا اتخاذ إجراءات اقتصاد “حاسمة” من أجل “الحفاظ على المخزونات عند مستويات تكفي حتى نهاية موسم الحاجة إلى التدفئة” عن طريق خفض الطلب الأوروبي على الغاز بنسبة 9 بالمئة قياسا بالسنوات الخمس الماضية، للحفاظ على مستويات الخزين فوق نسبة 25 % بحال لم تكن تدفقات الغاز السائل عند مستوى مرتفع.
كما حذرت وكالة الطاقة من أن الغاز المسال بات الآن مصدر “منافسة عالمية” حيث تشير التوقعات إلى ارتفاع في الطلب الصيني على الغاز السائل، مع توقيع عقود جديدة، في حين أن شتاء أكثر برودة سوف يزيد الطلب في شمال شرق آسيا.