ماذا يريد الأمير الشاب لدول المنطقة بعد أن تجاوزت طموحاته حدود المملكة؟ ولماذا يدير صفقاته سرًا من أجل إدخال تلك الآليات إلى المملكة دون أدنى اعتبار لتحفظات ظلت لفترة من الوقت «تاريخية»، لكن يبدو أن قطار ولي العهد السعودي ما عادت له محطات للتوقف.
يتحكم فيما يسمى «سر البوصلة الخاصة» ويدير دفة الأمور في المملكة بسياسة تلقي الإشارات استباقيًا.. هكذا تدار الأمور في المملكة العربية السعودية ولم تعد أطراف القوة الفاعلة قادرة على استيعاب مفاجآت الأمير الشاب.
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي بدا حذرا منذ اللحظة الأولى لتوليه المسؤولية من المساس بملف السياسة الخارجية للمملكة. وهو ذاته الذي يعلم يقينا وفق معطيات الأحداث المتتالية على مدار عقود أنه ليس من المنطق أن تركن المملكة إلى قوة دولية واحدة مهما بلغ التصنيف الدولي لتلك القوة.
شهدت العلاقات السعودية الأمريكية والعلاقات العربية السعودية مجملا حالات شد وجذب.. ولم تكن البدائل العربية أمام ردود الأفعال الأمريكية المباغتة قاصرة على السعودية فحسب، بل امتدت تلك البدائل المدروسة لتشمل مصر ودول الخليج التي كانت شاهدة عيان على إدارة دفة الأمور أثناء أحداث الربيع العربي.
المفاجأة التي كشف عنها رئيس مركز الخليج للأبحاث د.عبدالعزيز بن صقر، المقرب من دوائر صناعة القرار في المملكة، أن ثمة صفقات سرية بين العرب والصين تفوق الصفقات الثنائية.
يتزامن التحليل الذي أصدره «بن صقر» مع الزيارة التي يقوم بها الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى المملكة والتي تعقد بها قمة «سعودية – صينية» وأخرى «عربية – صينية»، وسط حالة ترقب غربي لما يحدث في الرياض.. فما سر المخاوف الأمريكية والغربية من انعقاد تلك القمة في ذلك التوقيت؟، ولماذا تتعامل واشنطن بقلق من تحركات ولي العهد السعودي المتسارعة؟
الخبير بالشأن الخليجي يعتبر أن العرب قد ضاقوا ذرعا بسياسة التدخلات الخارجية في قضايا المنطقة، ويريدون استثمار العلاقات الصينية الإيرانية، في قيام بكين بدور الوسيط بين العرب وإيران خصوصا وأن بكين قد طرحت من قبل مبادرة بشأن الأمن في الشرق الأوسط.
القمة العربية الصينية سيكون الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على رأس المدعويين إليها. في سياق تأكيد الموقف العربية واستثمار سياسة الاعتدال وتنويع العلاقات التي تتبناها الإدارة المصرية بفاعلية.
سعوديا تميل صناعة القرار في المملكة إلى اعتبار الصين أحد مصادر توريد وتوطين صناعة الأسلحة في السعودية خصوصا وأن بكين لا ترهن توريد الأسلحة بشروط سياسية أو تصنيفات.
تعقد السعودية مع الجانب الصيني أيضا اتفاقيات بشأن خط انتاج طائرة العقرب الصينية وأسلحة القناص الصامت وثلاثمائة طائرة بدون طيار ومقذوفات الصقر المهاجم، وكلها آليات نوعية عالية الدقة تدعم تفوقا نوعيا للسعودية على المستوى الدفاعي وتتزامن مع إقرار السعودية في ميزانية عام ألفين وثلاثة وعشرين ميزانية ضخمة للجانب الدفاعي.
يشير الخبراء إلى أن العلاقات الخارجية للعرب باتت تدار ببوصلة المصالح التي تتحكم فيها السعودية والأطراف الخليجية والعربية الفاعلة التي أيقنت بأنه ليس من منطق السياسة الواعية أن ترتكز مصالح المنطقة استنادا إلى قوة واحدة وتكون عرضة لتدخلات وتحكمات لم تعد مقبولة في زمن تعدد الأقطاب.