“خطوة للأمام.. وخطوة للخلف”.. هي استراتيجية اعتمدتها العلاقات بين القاهرة وطهران طيلة 4 عقود.. تتقدم العلاقات أمتار بسيطة خلال بعض الفترات الزمنية ثم لا تكاد تلبث أن تعود ما تحركته إلى مرحلة الجمود، حيث توقفت عند نقطة معينة لم تتجاوزها، نتيجة متغيرات إقليمية وسياسة طهران للتوغل في الدول العربية والسيطرة على عواصمه، إلا أنه في الأشهر الأخيرة أبدت إيران بادرة حسن نية تجاه دول الجوار بدأت مع السعودية، وبوساطة صينية ويبدو أن مصر في الطريق بعد تصريحات المسئولين في طهران لخطب ود القاهرة.. ماذا حدث في المكاتب المغلقة؟
4 عقود شهدت الكثير من الشد والجذب وتأثرت بالتفاعلات الإقليمية والدولية وتجمدت عند نقطة ما لم تتجاوزها، حتى ألقى سلطان عمان حجرا في المياه الراكدة، هذا هو ملخص العلاقات الإيرانية المصرية منذ نحو 40 عاما.
وجدت تحركات سلطان عمان من أجل إعادة جريان مياه العلاقات بين القاهرة وطهران، صداها في عاصمة أكبر قوتين إقليميتين في المنطقة بعد أن فتح إعلان كل من الرياض وطهران التوصل إلى اتفاق، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، برعاية صينية، البابَ أمام احتمالات خطوة مماثلة قد تفضي إلى عودة العلاقات المقطوعة بين مصر وإيران.
وعلى الرغم من الغزل القادم من العاصمة الإيرانية طهران تجاه القاهرة من أكبر المسئولين الإيرانيين والحديث بشكل واضح عن رغبة طهران في عودة العلاقات مع مصر يبدو أن القاهرة ليست على عجلة من أمرها، حيث التزمت القنوات الرسمية بالموقف المعلن على الرغم من الحديث عن وجود قنوات اتصال بين العاصمتين.
وعلى الرغم من تصريحات الغزل، يبدو أنه هناك بعض الملفات الخلافية بين القاهرة وطهران، حيث تشترط مصر توقف إيران عن التدخل في شؤونها الداخلية وكذلك دول الجوار والالتزام بمحددات الأمن القومي المصري مع تسوية أمنية لملف عناصر مصرية تحميهم طهران.
ومع التسارع في ملف إعادة العلاقات برعاية سلطان عمان، بعد زيارته للقاهرة وطهران، ومناقشة كافة الملفات ووضعها على الطاولة، إلا أنه هناك صعوبة في التكهن بأي موعد لاستئناف أو تطبيع العلاقات بين العاصمتين إلا أن الرغبة المتبادلة في إنهاء الملفات الخلافية قد تكون عاملا مسرعا في ملف الوساطة، لاسيما أن القاهرة تأخذ منحى جديدا في علاقاتها الإقليمية بعد أن انتهت العلاقة الشائكة مع أنقرة.
وكان علي خامنئي، الرجل المسئول عن أعلى سلطة دينية في طهران رحب، خلال لقائه سلطان عُمان هيثم بن طارق بإعادة العلاقات مع مصر، مؤكدًا دعمه لنهج حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي بالتقارب مع دول الجوار والدول الإسلامية البعيدة، بالإضافة إلى دول تتشارك مع طهران نفس التوجهات.
وتعد تصريحات “علي خامنئي”، هي المرة الأولى التي يتطرق فيها إلى التطورات الإقليمية، في المنطقة، لاسيما بعد أن توصلت بلاده مع السعودية إلى اتفاق في مارس الماضي بوساطة صينية، بشأن استئناف العلاقات وإعادة فتح السفارات.