القرد يتكلم .. ليس مجرد اسم ترويجي لأحداث عمل سينمائي أو فيلمًا كرتونيًا، بل كان وحقيقة جسدتها الغوريلا كوكو والتي سُجلت في التاريخ كأول حيوان يمكنه أن يتحدث كالإنسان بل ويفهم تعبيرات وجهه ومشاعره، حتى أنها تمكنت أيضًا من فهم لغة الإشارة،، فما قصتها وكيف تمكنت من ذلك، هذا ما سنعرفه في ملخص القصة.
بداية لاحظ العلماء أن مشكلة تعليم القردة ليست لكونها غبية، بل لأن حناجرها ليست قادرة على الكلام، لذلك صارت لغة الإشارة بديلًا جاهز وعمليًا.
الدكتورة فرانسيس باترسون، صاحبة رسالة الدكتوراة في تعليم لغة الإشارة لغوريلا الجبال، عندما التقت لأول مرة بعالمي ألين وبياترس جاردنر، واللذان تمكنا من تلقين شمبانزي اسمه واشو، 102 إماءة من إيماءات لغة البشر، فأثار ذلك اهتمامها.
وأدركت بذلك أن القردة ليست مجرد كائنات حية تأكل وتشرب فحسب، بل هي قادرة على التعبير عن احتاجاتها مثل ما يستطيع الإنسان.
كان هذا اللقاء نقطة تحول في حياة الدكتورة، لتصبح بعده صاحبة مؤسسة “الغوريلا”، أحد أشهر المؤسسات في تعليم لغة الإشارة للغوريلات.
أما عن كوكو نفسها فهي قرد غوريلا أنثى، ولدت في الرابع من يوليو من عام 1971، وقد كان اسمها حينئذ هانبيكو، والذي يعني باليابانية طفلة الألعاب النارية، وذلك لأنها ولدت في يوم الاستقلال الأمريكي.
فُصلت كوكو عن أسرتها منذ عامها الأول تقريبًا، وذلك بسبب مرضها الشديد. فعندما رأتها الدكتورة فرانسيس لأول مرة في حديقة حيوان سان فرانسيسكو، كانت طفلة سيئة التغذية وضعيفة، بلغ وزنها 9 كيلوجرامات فقط.
مما جعلها في حاجة إلى من يرعاها رعاية خاصة، لتحظى دكتورة فرانسيس بهذة الفرصة. لم تدري الدكتورة أن ذلك الحيوان الصغير سيغير حياتها، ليكون أطول تجربة من هذا النوع في التاريخ.
خلال عام واحد فقط، كان بإمكان كوكو استعمال لغة إشارة صحيحة تعبر بها عن المأوى والنوم والطعام. وفي أخر أيامها كانت الغوريلا كوكو تستعمل لغة مكونة مما يزيد عن ألف كلمة مفردة مع تميزها التام للإنجليزية المنطوقة.
في عام 1988، أمريكا أونلاين أن يعقد جلسة محادثة مع كوكو ومدربتها، ومن ضمن الأسئلة التي دارت في الحوار، سأل المذيع : ” هل تدرك كوكو أن ألاف الناس يستمعون لها الأن”. لتجيب كوكو بالإشارة : سماعًا طيب.
خضعت كوكو لاختبارات ذكاء عديدة، ومنها تبين أن معدل ذكائها يبلغ حسب المقياس البشري، مابين 70 إلى 90، أي أنه منخفض بما يعادل ذكاء طفل.
وفي ال19 من يونيو من عام 2018، ماتت كوكو عن عمر يناهز 47 عامًا، صحيح أنها رحلت لكنها كانت تجربة علمية فريدة من نوعها.
وتعيدنا قصة كوكو لنظرية التطور والتي تعتمد على التغير في الصفات الوراثية المُتوارثة بين الكائنات الحية مع الوقت، ما يؤدي إلى إنتاج أنواعٍ متعددةٍ، أَو إِحداث تغيرات في النوع الواحد للكائنات الحية.
وهو ما حدث تمامًا مع الغوريلا كوكو والتي خرجت عن ما هو مألوف عن القردة، وطورت طبيعتها لتتحدث كالبشر، فمن يدري، ربما سنجد قريبًا تجارب مماثلة لكوكو.