الشعب الفرنسي سيواجه أصعب أوقاته جراء تعنت ماكرون، وفرنسا تدفع ثمن سيطرتها السابقة لدول غرب إفريقيا باهظا، خسرت خيرات النيجر، وأصبح الإقتصاد الفرنسي في موضع حرج… والآن تخسر فرنسا آخر كارت رابح لوجودها بالنيجر، مصير مجهول في انتظار ملايين من الفرنسيين، فرنسا أخفقت في حماية مواطنيها من أزمة قد تنهي حياة العديد منهم.
فرنسا تخسر مصادر قوتها، وتحتاج لقبلة حياة، الاقتصاد يلفظ أنفاسه الأخيرة.. فهل انتهى مسلسل تواجد فرنسا بالقارة السمراء بعد نحو قرن من الزمان؟
“الإنسان الإفريقي لم يدخل التاريخ حتى الآن كما ينبغي” جملة قالها الرئيس الفرنسي السابق في عام 2007 لتفاجئه الدول الإفريقية بأنها خرجت بالفعل من التاريخ بوصفته الفرنسية لتدخل تاريخا آخر، تاريخ إنهاء الوجود الفرنسي بالقارة السمراء.
“دعوا الأبوية في التعامل معنا”… عبارة قالها الرئيس الكونغو الديموقراطي “فيليكس تشيسكيدي” لضيفه الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون في الخامس من مارس العام الجاري.. والأبوية هي مبدأ فرنسا في تعاملها القارة الافريقية وخاصة في الدول التي كانت تحت ولايتها.
وفي نبرة الرئيس الكونغولي التي تٌعبر عن مُر الشكوى من شكل الوجود الفرنسي، والذي عبر عن تراجع النفوذ الفرنسي في القارة الافريقية.
خلال الأشهر الأخيرة، ثلاث من الدول الإفريقية التي كانت تحت السيطرة الفرنسية سابقا، كسرت قيدها عبر التحركات العسكرية ضد نظام الحاكم الموالي لفرنسا، واستقلت بقرارها واستجابت لشعبها الرافض للوجود الفرنسي الذي ينظر إلى تلك الدول بأنها مستودع للموارد لا ينضم.
التحرك العسكري ضد السلطة الذي شهدته النيجر ورغم أنه شكل مصادرة لتجربة ديموقراطية لكنه عبر عن تحول لم يعد خافيا على فرنسا وعلى الغرب بشكل عام، وأولى هذه المعطيات أن الإرث الذي اطمأنت لفرنسا لوجوده من سنوات طويلة أصبح من الماضي.
ويعد التحرك العسكري بالنيجر هو الأصعب على فرنسا، حيت كانت تعتمد فرنسا في كهربائها على اليورانيوم من مناجم النيجر وكذلك النفط والزهب، فبين كل ثلاث مصابيح في فرنسا إثنان منها يعملون بفضل يورانيوم النيجر الذي تسيطر عليه فرنسا، مما يجعل فرنسا أمام مأزق شبه وجودي وخاصة مع دخول فصل الشتاء وتعرض الفرنسيين لموجات برد قاسية مع تفاقم أزمة الطاقة في العالم والتي بدأت مع بداية الأزمة الروسية الأوكرانية.
فقدت فرنسا كل نفوذها في القارة السمراء إلا القليل بسبب سياساتها التي اتبعتها على مدار عقود كثيرة، وآخر ما خرته فرنسا هو وجودها العسكري، فبعد سحب قواتها من كل من بوركينا فاسو ومالي وأفريقيا الوسطى ولحقت بهم النيجر لم يعد لها نفوذا عسكريا في غرب القارة، حيث بدأت القوات الفرنسية في مغادرة النيجر منذ ساعات.
وللاستحواذ الفرنسي في القارة الافريقية قصة معقدة، حيث تعد فرنسا ثاني دولة اوروبية بعد الامبراطورية البريطانية، تبسط سلطانها على الشعوب الافريقية، فارضة نفوذها على عشرين دولة وكانت فرنسا اكثر الدول تشبثا بالدول التي استحوذت عليها، واكثرها بطئا في الخروج منها، واكثرها حيلة في ربط اقدار هذه الدول بفرنسا.
وحتى تحكم فرنسا قوتها على الشعوب اجبرت الدول الافريقية على ايداع نصف ارصدتها في البنك المركزي الفرنسي. وجعلت من موارد هذه الدول شريانا لاقتصادها دون كبير عناية بتطوير اقتصاديات هذه الدول في وسط وغرب افريقيا، لتستفيق الدول الإفريقية خلال الأعوام القليلة الماضية وتزيل غبار فرنسا عن شعوبها، ويصبح مصير فرنسا الطرد من القارة السمراء.. فهل تصمت فرنسا على التحول الأخير أم يكون هناك كارت أخير في جعبة باريس؟