يبدو أن العلاقة الفرنسية الجزائرية دخلت إلى نفق مظلم لاسيما مع تراجع الجزائر عن تقديم الغاز لفرنسا فى ظل شتاء مقبل قادم على الأبواب يهدد بتجمد مدينة النور التى فقدت الغاز الروسى، وخروج نصف محطات الطاقة النووية عن الخدمة.. ماذا يحدث بين الجزائر وفرنسا؟
أبلغت الجزائر فرنسا بتأجيل المباحثات حول صفقة الغاز الجزائري، التي كانت باريس تترقبها لتعويض الإمدادات الروسية، لأجل غير مسمى.
لتكون ضربة قوية لخطط الجزائر لتعويض الغاز الروسى الذى يمثل 40% من احتياجات أوروبا، والذى توقف بعد الوقائع في أوكرانيا واستهداف خط نورد ستريم 1 و2
وكانت باريس تتطلع إلى إنهاء مباحثات صفقة الغاز الجزائري قبل نهاية العام الجاري 2022.
حيث تسعى فرنسا إلى زيادة وارداتها من الغاز الجزائري نحو 50% ضمن خطط أوروبا للابتعاد عن الغاز الروسي، في إطار تنويع إمدادات الطاقة في أعقاب استهداف موسكو لأوكرانيا.
وكشفت مصادر أن الجزائر رفضت إجراء أي مفاوضات مع فرنسا قبل نهاية هذا العام كما كان متفقًا عليه سابقًا، وقررت تأجيل الحديث إلى العام المقبل 2023.
وأشارت مصادر إلى أن التأجيل يأتي في إطار رغبة سياسية ما زالت مستمرة بأن فرنسا يجب أن تدفع ثمن تجاوزاتها السابقة بحق الجزائر “غالية”.
وأكدت المصادر أن “هناك ضغوطًا في الشارع تطالب بعدم إرسال الغاز الجزائري إلى فرنسا، بصفته رد فعل لعدم استجابة باريس إلى مطالب الجزائر”.
ويطالب الجزائريون فرنسا بالتخلي عن تشددها فيما يخص التأشيرة، أو ما يُعرف سياسيًا بحرية تنقل الأشخاص بين البلدين، والاعتراف بمسئولياتها عن الفترة المظلمة تحت سيطرة القوات الفرنسية، وضرورة دفع تعويضات مادية عنها، قبل أي حديث عن “تطبيع العلاقات” بين البلدين.
وكشفت المصادر عن خلافات صامتة تدور بين البلدين، فعلى الرغم من توقيع رئيسي الجزائر وفرنسا، عبدالمجيد تبون، وإيمانويل ماكرون، على “إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة بين الجزائر وفرنسا”، في أغسطس الماضي، فإن إحياء الذكرى الـ60 للاستقلال أعادت أوجاع الماضي.
وسعت فرنسا خلال الأشهر الماضية إلى توقيع صفقة غاز مع الجزائر، وجرى الحديث عنها خلال زيارة ماكرون في أغسطس الماضي، لكن شيئًا لم يحدث وخرجت الزيارة بإعلان وثيقة تعاون جديدة فقط.
وأعادت باريس إحياء الأمل في التوصل إلى صفقة الغاز الجزائري مع زيارة رئيسة وزراء فرنسا إليزابيث بورن إلى الجزائر في أكتوبر الماضي، على هامش منتدى الأعمال الفرنسي الجزائري، الذي انتهت فعالياته -أيضًا- دون أي إشارات جديدة.
وحاولت إليزابيث بورن تأكيد “الديناميكية الجديدة للتعاون الاقتصادي الثنائي”، مشيرة إلى أن بلادها تعد المستثمر الرئيس في الجزائر خارج المحروقات، وأن الشركات الفرنسية مستعدة للمشاركة في تنويع الاقتصاد الجزائري.
محاولة فرنسا الترويج بأنها أكثر البلدان استثمارًا في الجزائر يخالف الأرقام على أرض الواقع، التي تكشف تراجع نفوذ باريس خلال السنوات الأخيرة، أمام العديد من الدول الأخرى، وفي مقدمتها إيطاليا وتركيا.
وكانت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، أكدت أن حكومتها قد تلجأ للدول المجاورة بطلب إمداد فرنسا بالكهرباء في ظل أزمة الطاقة، وتعليق توليد الكهرباء في 50 بالمئة من المفاعلات الفرنسية.
وقالت “بورن” في تصريحات سابقة خلال مؤتمر صحفي حول أزمة الطاقة التي تعانيها بلادها بالتزامن مع أزمة كبرى تضرب كافة الدول الأوروبية، إن فرنسا “قد تحتاج إلى جيرانها للمساعدة في إمداد البلاد بالكهرباء”.
العلاقات الفرنسية الجزائرية يشوبها الفتور خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يهدد بفشل صفقة الغاز الجزائري إلى فرنسا، مع مواصلة القادة الفرنسيين إلى إلقاء تصريحات غير لائقة ومستفزة، إذ إنهم دائمًا ما يشككون في الهوية الجزائرية.. فهل تنجح فرنسا فى إقناع الجزائر بزيادة ضخ الغاز إلى باريس مع اقتراب الشتاء؟