حتى الآن لا زال الجانب الإثيوبي يسيء تفسير الصبر المصري حيال إجراءاتته بشأن أزمة سد النهضة الذي يبدأ ملؤه الرابع.. بينما قررت القاهرة حسم الملف نهائيا.
فرضت أزمة سد النهضة الإثيوبي تحركات مكوكية لدى الدبلوماسية المصرية لحسم الأزمة لصالح القاهرة والاعتداد بحقوق السودان في مياه النيل.
تحولت مطالب مصر أمام حالة العناد الإثيوبي بشأن قضية سد النهضة إلى إجراءات دورية لا تكف القاهرة عنها؛ بهدف إرساء شهادة دولية حيال نهجها.
تريد القاهرة الحصول على شهادة دولية اتساقا مع أدوار الدول التي تريد حضورا فاعلا ضمن جهود حل الأزمة لإشهاد الأطراف الدولية الفاعلة على موقف أديس أبابا.
واصلت مصر على أعلى المستويات جهود إيصال رؤيتها إلى الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والصين والأشقاء في دول الخليج العربي.
بعد أيام من حصول مصر على تأكيد رسمي من واشنطن عبر وزارة الخارجية الأمريكية بحتمية الوصول إلى حلول حاسمة بشأن السد الإثيوبي حصلت القاهرة على تأكيد أمريكي جديد.
نقلت وكالة الشرق الأوسط المصرية الرسمية عن وزارة الخارجية الأمريكية التزام واشنطن بحل دبلوماسي سريع لأزمة سد النهضة الإثيوبي وحسم قضية المياه.
كثفت الدبلوماسية المصرية مساعيها لدى الجانب الفرنسي بشأن أهم القضايا الأفريقية وأبرزها قضية المياه، وترأس الجانب المصري السفير محمد البدري مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية.
ترتكز الرؤية المصرية بشأن قضية سد النهضة على وضع حد للجمود التفاوضي مع الجانب الأثيوبي، وطرح حقوق المياه على أنها ليست محلا للنقاش أو التفاوض أو المساومة كونها قضية وجودية للمصريين.
أرست مصر لدى الأطراف كافة عقيدة مفادها، أن حفظ واستقرار المنطقة والقارة الأفريقية يتطلب بالضرورة الوصول إلى حل حاسم لأزمة السد الإثيوبي حال أرادت الأطراف الفاعلة دوليا ضمان حل شامل لقضية المياه.
حتى الآن تتعامل أديس أبابا مع تحركات مصر بحالة من الاستعلاء السياسي الذي دفع القاهرة للحصول على شهادات واضحة من الأطراف الفاعلة دوليا بشأن تأكيد صحة موقفها القانوني والأخلاقي في إدارة قضية المياه.
تستطيع مصر الوصول إلى الخيارات المطروحة كافة ولكنها لا زالت تعلي مبادئ الحوار والدبلوماسية والتي سيكون نفاد رصيدها منها إيذانا بأزمات ستترك المنطقة كافة في حالة عدم استقرار.
لا تريد القاهرة الوصول إلى تلك المرحلة باستخدام لغة مغايرة غير الدبلوماسية الفاعلة وربما تدفع أديس أبابا المنطقة برمتها إلى الدخول في نزاع لن تكون تداعياتها محمودة الجانب على أديس أبابا.
لا زالت أبواب الدبلوماسية المصرية مفتوحة لأصوات العقل بشأن قضية المياه وحال وجدت لذلك إرادة متبادلة مع أطراف الأزمة لربما تم تعجيل الحلول الشاملة.. بينما بدت الكرة الآن في ملعب أديس أبابا التي بإمكانها أن تكون طرفا في الحل بدلا من أن تكون طرفا في أزمة لن تجدي معها الدبلوماسية نفعا حال تفاقمت عن تلك الدرجة.