يبدو أن آثار الزلزال الضخم الذي ضرب تركيا ليست بشرية واقتصادية فقط، فغير هذا الزلزال من شكل الكرة الأرضية وغير أماكن دول عن مكانها الطبيعي على الكرة الأرضية وأزاح الجزيرة العربية.. كيف حرك الزلزال تركيا من مكانها 3 أمتار؟
كشف رئيس المعهد الوطني الإيطالي للجيوفيزياء والبراكين، كارلو دوجليوني، أن الزلازل التي ضربت تركيا تسببت في تحرك البلاد 3 أمتار نحو الغرب، لافتًا إلى أن الزلازل حدثت عند نقطة التقاء صفائح شرق الأناضول مع الصفيحة العربية والإفريقية.
وقال «دوجليوني» إن التقديرات الحالية تشير إلى إزاحة الصفيحة 3 أمتار، لكن المعلومات النهائية سيتم الحصول عليها بعد الاطلاع على بيانات القمر الصناعي، مؤكدًا أن الزلازل وقعت في أحد خطي الصدع الزلزالي اللذين يمران بتركيا.
وفجر الإثنين، ضرب زلزال جنوب تركيا وشمال سوريا بلغت قوته 7.7 درجات، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات، إلى جانب عشرات الهزات الارتدادية مخلفة خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات في البلدين.
يعد الزلزال الذي ضرب تركيا فى الساعات الأخيرة، هو الحلقة الأحدث في سلسلة ممتدَّة من الزلازل التي ضربت البلاد على مدى 5 قرون، وأوقعت آلاف الضحايا.
وتقع تركيا ضمن منطقة جغرافية نشطة زلزالياً، إذ تحيط بها 3 صفائح تكتونية، وهي الصفيحتان العربية والإفريقية جنوباً، والصفيحة الأوراسية شمالاً.
وتنشط داخل حدود تركيا 3 خطوط زلزالية هي: صدع غرب الأناضول المتشعب والأكثر حركة ويمر بمناطق بحري إيجة ومرمرة، والثاني صدع شمال الأناضول بطول 1350 كيلومتراً ويمر بالمناطق المقابلة للبحر الأسود وصولاً إلى أسفل بحر مرمرة غرباً، وصدع شرق الأناضول بطول 530 كيلومتراً يبدأ بمدينة هاتاي وينتهي بمدينة موش.
وتتعرض تركيا كل 6 إلى 7 سنوات لزلازل قوية، وأسفرت هذه الزلازل عن كوارث إنسانية كانت لها تداعيات سياسية واجتماعية واقتصادية.
وقال فاروق أوكاكوغلو، أستاذ الهندسة الجيولوجية بتركيا، أنه وفق الدراسات الدولية، فإن حوالي 98 في المائة من تركيا معرضة للزلازل، في حين أن حوالي ثلث البلاد معرض لخطر كبير، بما في ذلك المناطق المحيطة بالمدن الرئيسية في إسطنبول وإزمير ومنطقة شرق الأناضول، ويرجع ذلك بسبب الموقع الجغرافي لتركيا، وهو ما يفسر الكلمة الشهير في تركيا «قدر الجغرافيا».
وشرح شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، ما تعنيه تلك الكلمة «قدر الجغرافيا»، قائلاً، إن معظم تركيا يقع على ما يعرف بـ«الصفيحة التكتونية الأناضولية»، التي تقع بين لوحين رئيسيين، وهما الأوراسي والأفريقي العربي، ومع تحرك الصفائح الأفريقية والعربية الأكبر حجماً، تتعرض تركيا للضغط حرفياً، بينما تعيق الصفيحة الأوراسية أي حركة باتجاه الشمال، وبالتالي، فإن تركيا تقف على عدة خطوط صدع.
أحد خطوط الصدع، هو ما يعرف بـ«فالق شمال الأناضول»، الذي شبهه الخبراء في تقرير نشرته الاثنين شبكة «إيه بي سي نيوز»، بقميص بأزرار يتم تفكيكه، وعندما يتكسر أحد الأزرار، فإن ذلك ينقل الضغط إلى الزر التالي، مما يجعله من المحتمل أن ينكسر بعد ذلك.
يقول الهادي، إن فالق شمال الأناضول، حيث تلتقي صفيحتا الأناضول والأوراسيا، هو أكثر خطوط الصدع تضررا ، ويمتد من جنوب إسطنبول إلى شمال شرقي تركيا، وفي الوقت نفسه، يمتد خط صدع شرق الأناضول حوالي 650 كيلومتراً من مرتفعات شرق تركيا إلى البحر الأبيض المتوسط، ومن هناك يتجه جنوباً ويلتقي بالنهاية الشمالية لنظام الصدع الكبير الذي يفصل الصفائح الأفريقية والعربية.