حلت ساعة المساء في يوم الجمعة ، كان الأفق في حالة هدوء تام. انقضت ساعة الأصيل وذهب سكان هذه القرية إلى منازلهم، بعد أن أنهى الجميع مهامهم اليومية في طلب الرزق وتدبير أقوات يومهم .خلد الجميع إلى النوم للحصول على قسط من الراحة، فهل كان نومهم هذا نوما مؤبدا؟وهل من وريث بقى من أبناء تلك القرية؟
بين غمضة عين وانتباهتها
بدأت السماء تميل إلى مزيد من الزرقة بوميض لم تشهده القرية في سمائها من قبل ، لم يكن يعلم هؤلاء البسطاء حينما أغلقوا على أنفسهم أبواب منازلهم أن هذه المنازل ستتحول ما بين غمضة عين دون انتباهة إلى مثوى أبديا لهم ..
أسيفلمان التي أسف لها العالم
هناك في إحدى البقاع المغربية بمدينة قريبة من مراكش، تتربع مدينة شيشاوة وتتبعها قرية أسيفلمان.. التي كان لها من اسمها نصيب فبدايتها «أسيف» وقد أسف العالم لما حلَّ بأهلها مساء وهم نائمون.. ومثل العديد من القرى المغربية كانت هذه القرية بعيدا عن قائمة الأضواء والشهرة هي قرية بسيطة للغاية وأهلها يكتفون بالقليل من سبل العيش.
هدف شامل للزلزال
ويفسر ذلك حضورها الضعيف عبر محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي فحتى شهرتها لم تكن إلا بعد رحيل أهلها الذين تحولوا إلى هدف شامل للزلزال الذي تعرضت له بالبلاد.. لتذوق هذه القرية أصعب مواجهة في التاريخ فتداعيات الزلزال معروفة بأنها تكون في الغالب محصورة في مختلف المناطق حيث تتضرر منطقة وتبقى أخرى بها دبيب من بقايا الحياة.
مشاهد مخيفة تحت الركام
لكن قرية أسيفلمان تحولت إلى مشاهد مخيفة بعد أن قامت قيامة أهلها جميعا دفعة واحدة فلم تكتب الحياة لأي من سكانها وكانت حصيلة تداعيات الزلزال فيها «لم ينج أحد».
الديار تحولت جميعها إلى ركام تقترب مشاهده من تداعيات المواجهات العسكرية ولقد كانت بالفعل مواجهة بين
جبروت الزلزال المهيب وقرية بسيطة لا تقوى منازلها العادية على المواجهة.
رائحة النهاية تسيطر على الأطلال
الرائحة الصعبة المنبثقة من تحت الركام تجبر الجميع على سد أنوفهم فتحت هذا الركام بقايا أحياء بدأت عوامل التحلل تعمل عليها وتنال منهم .
يمر الناس على الركام والدموع تهطل على القرية ، فهنا كان شارع يمر فيه الأهالي .. وهنا كانت السوق تقام ويتجمع الباعة والمشترون..وهنا كان سطح لأحد المنازل .
أسيفلمان.. تحولت إلى فصل مفقود في أشد المحن التي تعرض لها هذا البلد وباتت بركامها عصية على الدخول أو حتى رفع ركامها لأن ذلك الركام الصخري تتضاءل احتمالات الحياة
تحته لا محالة ..