«اختفاء البشر».. بات ذلك السيناريو مسارا للرعب في دولة عربية فوجىء جزء ليس بالقليل من سكانها بظهور مقابر سرية لعشرات الكائنات الحية النافقة التي تبين أنها لقطعان من الحيوانات أسفر التتبع والتحليل أنها رؤوس جواميس نافقة في جنوب العراق.
لم يذق السكان طعما للنوم عقب ظهور رؤوس الحيوانات النافقة وكان السؤال الذي قطع البحث عن الإجابة عنه نومهم: «كيف نفقت تلك الحيوانات؟ وماذا يحدث للبشر في تلك المواقع القريبة من مواقع الدفن؟».
بين عشية وضحاها أصبح سكان الأهوار في جنوب العراق في مواجهة مع مصير مجهول بعد النفوق الغامض لعشرات الحيوانات التي كان الجاموس أبرزها، وسرت المخاوف من أن يحدق الخطر بهم ويلقوا نفس مصير ماشيتهم التي كانت بالنسبة لهم مصدرا للدخل.
تسمى تلك المنطقة الواقعة جنوب العراق «أهواز الجبابيش»، وفقد عدد كبير من سكانها ربع عدد قطعانهم من الماشية بعد أن اكتشفوا «مقبرة الرؤوس الكبيرة»، في منطقة كانت تدبُّ بالحياة والنماء.
أطارت لعنة الجاموس النوم من أعين السكان بعد أن تبين أن إنتاج حليب الجاموس لم يعد صالحا للبيع وتوقع السكان أن مرضا غامضا يكاد يطال حياتهم بعد نفوق الحيوانات
السكان عزوا ما تعرضوا له إلى ما أسموه «العنة الجاموس» الناتجة عن الجفاف الذي تسبب في نفوق تلك الحيوانات جراء الاعتداءات المتكررة على مصادر المياه العراقية.
وبحلول نهاية مارس 2022، شهد العراق نزوح حوالي أكثر من 3300 أسرة بسبب العوامل المناخية التي طالت تداعياتها عشر مقاطعات من وسط البلاد وجنوبها، وفقا لتقرير نشرته المنظمة الدولية للهجرة في أغسطس الماضي.
الهروب من القرى والمناطق الريفية التي كان اقتصادها يقوم على الزراعة بات مشهدا متكررا في العراق؛ حيث يعمد السكان إلى ترك مهنهم الزراعية وسكنهم ويسافرون إلى العديد من المناطق الحضرية في المدن لعلهم يجدون فيها حياة أكثر استقرارا، خصوصا وأن حالة الفقر والعوز الريفي طال العديد من القرى في العراق وفق تقارير أممية ذات صلة.
السلطات المحلية تعترف بالأزمة التي تضرب جنوبي البلاد، حيث يقول الرئيس العراقى عبد اللطيف رشيد الذي أكد أن التصحر يهدد العديد من المناطق وتحديدا منطقة الأحواز التي كانت عاملا مهما في الحفاظ على خارطة التوازن البيئي في بلادنا.
«الجفاف المتزايد في العراق يشكل تحديا خطيرا لمعظم المواطنين واقتصاد الدولة، بما يؤثر على الحياة والبيئة في المنطقة بشكل عام».. بذلك التصريح حذر الرئيس العراقي من السيناريو الكارثي الذي قد يضرب بلاده كلها حال تفاقم أزمات الاعتداء على حقوق بلاد الرافدين والوقوف ضد حقوقها التاريخية في الحصول على حصة مناسبة من المياه العذبة.
ولا تنحصر أزمة المياه والجفاف في جنوب العراق، فسبق أن هددت بغداد بقطع العلاقات التجارية والاقتصادية مع تركيا وإيران، بسبب قطعهما المياه عن البلاد، ما أدى إلى انخفاض كبير بمنسوب المياه في نهري دجلة والفرات.
ويريد الشعب العراقي الحفاظ على حقوقه التاريخية في المياه والحفاظ في ذات الوقت على التوازن البيئي في المنطقة، بمنع انتشار التصحر.
