لو تصادف ورأيته بمحض الصدفة، فسترى أمامك رجلا يعيش في بيت متواضع ويسقي الزهور كل صباح ثم يبيعها في آخر النهار ويقود سيارة متواضعة، ولن يخطر ببالك قط أن ما وقعت عليه عيناك هو.. “رئيس دولة الأورجواي” احدى أهم الدول في قارة أمريكا الجنوبية، فما الذي تعرفه خوسيه موخيكا، أفقر رئيس دولة بالعالم؟
خوسيه موخيكا
ولد خوسية موخيكا بالعاصمة الأوروجوانية مونتفيديو عام 1935 لأسرة فقيرة متواضعة تعود أصولها للأوروبيين الذي استوطنوا بلاده قبلها بسنوات.
كان والده مزارعا وهي المهنة التي ورثها لابنه موخيكا، حيث كان يبيع الورود في بداية حياته بجانب دراسته في عمر صغيرة.
بعدما أكمل دراسته الابتدائية والثانوية بنجاح، حاول دراسة القانون لكن حدثا ما حال بينه وبين طموحاته العلمية..
توفي والده بشكل مفاجئ وهو ما وضع حِمل المنزل وأعبائه المادية على عاتقه، ليقرر بعدها ترك دراسة القانون والبحث عن عمل يوفر به الأموال لأسرته.
عمل حينها بالكثير من المهن وفي يوم من الأيام قادته الظروف إلى العمل السياسي تحت مظلة الحزب الشعبي في الأوروجواي.
كانت البلاد حينها تمر بأزمة اقتصادية قاسية، انخفض فيها الطلب على المنتجات الزراعية مما أدى إلى انخفاض حاد في مستوى المعيشة العام، وتخرج البلاد في مظاهرات واسعة احتجاجا على الأوضاع السياسية
خوسية أمين الشباب داخل الحزب وقتها، قرر المشاركة في المظاهرات ونزل يقود المسيرات في العاصمة.
تطورت الأمور بسرعة وانقادت إلى العنف ما دفع خوسية إلى تأسيس حركة توبا ماروس، وهي حركة سرية عصابية تهدف إلى تغيير الأمور بالقوة.
في أول عملياتهم سطو على أحد البنوك المحلية وسرقوا الأموال بداخله ثم وزعوها على فقراء الشعب. أمر لم يعجب الشرطة الأوروجوانية، وأدى إلى الاصطدام المباشر بينها وبين الحركة، وهو ما أفضى بدروه إلى صراع مباشر انتهى باعتقال موخيكا بعد أن أصيب بجراح خطيرة في عام 1971.
داخل محبسه حاول موخيكا الهرب من السجن مرتين، وسجن في قاع بئر مظلم لعامين، انتهكت فيه كرامته داخل السجن عدة مرات، ومع استمرار الانتهاكات استمرت محاولات الهرب من موخيكا، وبعد حوالي 14 عاما، خرج من السجن في عام 1985.
فور خروجه من السجن أنشا ما أطلق عليه حركة المشاركة الشعبية، وبدأ نجمه يلمع في مجال السياسة في 1995 أي بعد عشرة أعوام فقط من خروجه من السجن، ليتم انتخابه رئيسا لمجلس النواب لدورتين متتاليتين. ثم في 2005 أصبح وزير للزراعة وبعدها بأربعة أعوام وتحديدا في عام 2009 رشح نفسه كرئيس للبلاد.
توافد الناس لانتخابه ولمنحه أصواتهم وفي الأول من مارس 2010، استطاع خوسية أن يحقق فورزا كاسحا في الانتخابات الرئاسية الأرجويانية.
كانت فترة رئاسته مثيرة للجدل والاعجاب في آن واحد، فمن جهة حقق نجاحا اقتصاديا مبهرا في البلاد، وعلى الناحية الأخرى انتقد دولة العدو وأدان انتهاكاتها بشكل قوي في العلن.
كما أنه فتح بلاده لـ اللاجئين السوريين عام 2014، بل حتى معتقلي جوانتانامو حيث أدان سجنهم لسنوات دون محاكمة وقال “لقد تعرضت للسجن سنوات دون محاكمة، هذا ظلم أنا لا أقبله”.
كما ضرب تجار المواد المذهبة للعقل بشكل قوي حينما أصدر تشريعات تقنن بيع الماريجوانا، ليقضى وقتها على الكثير من عمليات التهريب.
أفقر رئيس في العالم
قضى خوسيه 5 سنوات في الحكم أدراها كلها منزله الريفي الذي لم يتجاوز الـ 50 مترا، واسحق لقب أفقر رئيس في العالم بسبب حياة التقشف التي كان يعيشها.
فلم يكن له موكب رئاسي، بل كان يقود سيارته الزرقاء القديمة من نوع “فولكس فاجن” وكانت هي موكبه الخاص الذي يطوف به حول البلاد.
بل أنه تبرع بـ 90% من مرتبه الخاص والذي كان يصل إلى 12 ألف دولار شهريا، وبعد انتهاء فترة رئاسته في 2015، عاد مرة أخرى إلى منزله الريفي القديم يزرع الورود ويسقي النباتات، كما كان يفعل صغره مع والده.