لا زالت الأرض تروي أسرارها بمزيد من الغرائب التي ربما تفوق قدرة البشر على استيعابها وتتطلب جهودا بحثية شاملة للوقوف على أبعادها.
تعد منطقة «هادال» واحدة من أغرب المواقع البحرية في العالم حيث الخنادق والأخاديد البحرية العظيمة التي لم يجرؤ بشر على الغوص فيها وحتى الآن وصلها فقط سبعة وعشرون إنسانا قُدرت لهم النجاة بأعجوبة.
تقع المنطقة جنوب غرب المحيط الهادي ويعرف أعمق خنادقها باسم «خندق ماريانا» نسبة إلى جزر تحمل ذات الاسم وطالما جذبت شغف الغواصين إليها لكنهم ظلوا على حذر جرَّاء غرابة المنطقة وضعف إمكاناتهم.
حتى عمق المنطقة لا زال تقديريا لدى الباحثين والمعنيين بعلوم البحار فهم يقدرونه بعمق يتراوح بين قرابة عشرين ألف إلى ست وثلاثين ألف قدم حيث اختفاء ضوء الشمس نهائيا وظهور كائنات غريبة بينها نوع من الجمبري يصدر ضوءا ويبدو مشعا كما لو كان بديلا للشمس.
فضلا عن كائنات بحرية عملاقة تشبه الأميبا.تشتهر المنطقة الأعمق في العالم بكائنات بحرية نادرة أخرى مثل ثعابين البقر وأسماك الجرساني، وكلها جميعا ذات قدرات نوعية فائقة لتستطيع الحياة في ذلك الموقع.
تتاح الحياة في ذلك الموقع من العالم لكائنات حية ذات قدرات كبيرة باستثناء الإنسان حيث يضطر الغواصون إلى استخدام نوع معين من بدلات الغوص غالية الثمن وقادرة على تحمل الضغط الجوي السديد في تلك الأعماق الذي يصل إلى ما يعادل وزن سبع طائرات جامبو.
تقع منطقة الخنادق البحرية في المحيط الهادي على بعد مائة وأربعة وعشرين ميلا من جزر ماريانا والتي يبدأ الوصول إليها من منطقة تعرف باسم «وادي التحدي العميق». ويمكن لتلك المنطقة أن تحوي ارتفاع أعلى قمم جبال العالم.
حتى الغواصات لا يمكنها الوصول إلى تلك المواقع إلا إذا كانت ذات تجهيز عال يمكنها من تحمل قوة الضغط الجوي وسرعة الوصول إلى الموقع خلال مائة وخمسين دقيقة.
برغم قوة الضغط الجوي في أعمق نقاط الأرض في منطقة ماريانا، يعيش فيها مائتي نوع من الكائنات الحية الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة ولا زالت قدرة تلك الكائنات على الحياة في تلك المواقع بحاجة إلى مزيد من البحث أمام العلماء.
حتى الأسماك التي تعيش في تلك المناطق تنتج مواد من أجسامها بحيث تستطيع تحمل قوة الضغط الذي يصعب على بقية الكائنات أن تتحمله في تلك النقطة الأكثر عمقا عالميا.
بحسب روب ماكالوم أحد المعنيين بعلوم البحار، يصل معدل الضغط في تلك المنطقة إلى أكثر من ألف ضغط جوي ويستغرق الوصول إلى تلك النقطة الأعمق على مستوى الكرة الأرضية مائتين وسبعين دقيقة.
في كل مرة يقوم الغواصون والمعنيون بعلوم البحار برحلة إلى تلك المنطقة عبر الغواصة يكتشفون المزيد من الغرائب.