لُقب برجل يوليو الصامت، كانت حياته مثالًا للرجل الذي أحب بلده فضحى بكل شيء لأجلها، فهو أحد أبرز أعضاء مجلس قيادة الثورة في مصر، وصاحب سجل حافل من البطولات والإنجازات، تولى رئاسة مصر لمدة 48 ساعة فقط ثم اعتزل، رفض كتابة مذكراته وأراد أن تبقي أسراره كنزه الدفين حتى رحيله، فمن هو زكريا محيي الدين الرجل الصامت .. سنروي لكم قصته في ملخص القصة:
بدأت القصة عقب أحداث 1967، والتي شهدت تنحى الرئيس جمال عبدالناصر عن منصبه في التاسع من يونيو في العام ذاته، مُعلنًا حينها تعيين نائبه ورئيس الوزراء المصري زكريا محي الدين خلفًا له.
وقال عبدالناصر في خطابه الشهير: “لقد كلفت زميلي وصديقي وأخي زكريا محيي الدين بأن يتولى منصب رئيس الجمهورية، وأن يعمل بالنصوص الدستورية المقررة لذلك”.
لكن أسرار هذا التكليف وذلك الخطاب ظلت محل جدل كما ظلت حياة زكريا محيي الدين نفسها ومسيرته السياسية.
والتي رفض الحديث عنها على عكس غيره من “الضباط الأحرار” الذين قادوا ثورة 23 يوليو 1952 التي أطاحت بالملكية وفتحت الباب أمام إعلان الجمهورية في مصر.
فلم يكتب الرجل مذكراته ولم يظهر في حوارات صحفية طيلة حياته. إلا أن كواليس اختياره لهذا المنصب، كما سجلها الصحفي الشهير محمد حسنين هيكل -في أحد كتبه جاءت لكونه الأقدم بين أعضاء مجلس قيادة الثورة.
كما أن محيي الدين عُرف بذكائه وعقله، ما آهله لأن يكون مقبولًا دوليًا، وقادر على الحوار مع الأميركيين، وهي صفات رئيسية لم تتوفر في غيره من أعضاء المجلس.
وكان عبدالناصر يعلم، أن محيي الدين لن يقبل هذا المنصب لذلك لم يخبره بذلك الإعلان ليتفاجئ به كباقي الشعب المصري حينها، والذي خرج للشوارع والميادين مطالبًا زكريا بالاعتذار عن المنصب وإلا فهو خائن.
هكذا غضب محيي الدين من ذاك الموقف الذي أجبره عليه ناصر، فاضطر للاعتذار عن منصب الرئيس بعد أقل من 48 ساعة.
وخرج محي الدين للمرة الأولى والأخيرة ببيان رسمي وجهه إلى الشعب المصري قال فيه: ” أرفض منصب رئيس الجمهورية، ولا يوجد شخص في مصر سيقبل برئيس سوى جمال عبدالناصر”.
وعلى الرغم من أن بعض الشخصيات رأت أن خطاب تنحي ناصر وخلافة زكريا محيي الدين له كان مجرد تمثيلية لكسب التعاطف، إلا أن معظم الشعب المصري حينها لم يقبل بوجود شخص أخر سوى ناصر في هذا المنصب.
فاتفق الجميع على شيء واحد وهو مهاجمة زكريا محيي الدين، ما دفع الأخير لتقديم استقالة مكتوبة بخط اليد إلى الرئيس عبدالناصر، يُعفى بمثابتها من كل المهام المنسوبة إليه، وهو ما أكده هيكل في مذكراته. إلا أن طلبه قُبل بالرفض من قِبل عبدالناصر وكل أعضاء مجلس قيادة الثورة.
وولد زكريا محيي الدين في 5 يوليو عام 1918 بمحافظة دمياط. كان أحد أبرز الضباط الأحرار فى مصر، كما تقلد عدة مناصب أبرزها رئاسة الوزراء ونائب رئيس الجمهورية.
وفي عام 1952 أسس محيي الدين جهاز المخابرات العامة المصرية، ليصبح أحد أهم أجهزة المخابرات في العالم .حتى توفي في 15 مايو عام 2012 عن عمر ناهز الـ92 عامًا. تاركًا سجلًا حافلًا من البطولات والنجاحات في تاريخ مصر، مكنف بالكثير من الغموض والصمت حتى لُقب برجل يوليو الصامت.