بدا الرجل أمام الشاشة في أقصى درجات الاتزان الانفعالي وفي حالة هدوء تام.. لا تكاد تفارقه ابتسامته قبل المشهد الأخير حتى أصبح بالنسبة للمشاهدين مذيعا من عالم آخر.. فماذا حدث في التلفزيون السوداني وقت الاشتباكات التي اندلعت في البلاد ؟؟؟
دأبت الدول في أية أحداث طارئة أو حال حدوث اضطرابات أمنية وسياسية مفاجئة على إحكام السيطرة على مقرات البث الإذاعي والتلفزيوني؛ ذلك لأن أي طرف سيتمكن من السيطرة على البث سيكون له الكلمة العليا في إعلان ما يشاء وتوجيه الرأي العام إلى الوجهة التي يريدها..
محاولات فرض السيطرة على البث
كان ذلك المشهد هو المسيطر في العاصمة السودانية الخرطوم منذ بدء الأحداث ومحاولات السيطرة المتبادلة بين الجيش النظامي السوداني وبين ما يسمى «قوات الدعم السريع».. وكان مبنى الإذاعة والتلفزيون في العاصمة السودانية على رأس أهداف طرفي النزاع حيث يريد كل منهما فرض سيطرته على البث التلفزيوني.
وعادة التلفزيون السوداني في التغطيات الميدانية أو استضافة شخصيات عامة الهدوء التام بعيدا عن استخدام المؤثرات الصوتية أو تطوير تقنيات المونتاج.. لكن يبدو أن ذلك الهدوء لم يكن على مستوى الحدث المفاجئ الذي حرم السودانيين من النوم ومن التمتع بأجواء العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم..
تقرير ضد الحقيقة
ظلَّ التلفزيون السوداني يتعامل مع الأحداث بأسلوب التغطية من الأستوديو إيثارا للسلامة.. وواصل القائمون على البث تطبيق سياسة «إمساك العصا من المنتصف»، وإن كانت كفة الميزان في بداية الأحداث لصالح الجيش السوداني.
في تلك اللحظة خرج مذيع سوداني يطمئن الناس ويؤكد للمشاهدين أن «الأمور هادئة تماما» بينما كان مبنى التلفزيون السوداني خارج الاستوديو بعيدا تماما عن الهدوء..
مشهد أبوي ورسالة طمأنة لم تصل
بابتسامة أبوية كانت نظرات المذيع السوداني الحانية تبث رسائل تهدئة للمشاهدين حتى أصبحت أصوات الاستهداف هي الحاكمة في خلفية الصورة حتى انقطع البث تماما وأظلمت الشاشة.. دون أن يعرف مصير ذلك المذيع حتى الآن في ظل ما تعانيه السودان من اضطرابات.
أثار انقطاع البث أقاويل بشأن الطرف المسيطر على التلفزيون السوداني وتردد أن قوات الدعم السريع أرادت احكام السيطرة على مقر هيئة البث التلفزيوني، إلى أن أعلن الجيش السوداني السيطرة لاحقا على هيئة البث التلفزيوني.
ردود أفعال المشاهدين
سادت حالة طمأنة مؤقتة بعد استعادة الجيش السوداني السيطرة على هيئة البث مع عودة البث لاحقا إلى التلفزيون السوداني.
تركت واقعة انقطاع البث بتلك الطريقة ردود أفعال متباينة لدى المشاهدين بين السخرية والشفقة على مصير المذيع وأعاد بعضهم نشر المقطع الشهير للمذيع وتأكيده على أن «الأحوال هادئة داخل هيئة الإذاعة والتلفزيون» وكتب بعضهم : إن حميدتي فصل فيشة الكهرباء
مشاهد آخر علق قائلا: كل هذا الاستهداف ولا زالت الأحوال هادئة!!!!! واعتبر آخرون أن المذيع السوداني ناقض نفسه بين كلمات يقولها لوصف ما اعتبره أوضاعا هادئة وبين زخات الضربات خلف ظهره على الهواء. حيث ظهر الرجل وكأنه يتحدث من عالم آخر بعيدا عن سياق الأحداث.