مصر تربك أثيوبيا ونظامها بمفاجأة تحبط مخططهم بشأن سد النهضة

«صفر كهرباء».. كانت تلك حصيلة إنتاج سد النهضة الإثيوبي الذي يعد حتى الآن أقوى ظاهرة دعائية ترويجية لنظام آبي أحمد، مرارا انتظرت مصر بوصفها دولة المصب أن ترى لادعاءات أديس أبابا واقعا على الأرض أو ترصد انتاج كيلوات واحد من الكهرباء، لعلها تتأكد من صدق الرجل، وما أن فقدت القاهرة الأمل في الحصول على دليل صدق واحد على مزاعم النظام الإثيوبي حتى بدأت تنفيذ خطتها بهدوء أربك إثيوبيا ونظامها.

تمارس مصر أمام استفزازات الجانب الإثيوبي أقصى درجات ضبط النفس على الرغم من المخالفات التي ارتكبتها أديس أبابا في تنفيذ إجراءات الملء الأول والثاني والثالث لسد النهضة دون مراعاة الاتفاقيات المسبقة المبرمة بهذا الشأن.

أمام الموقف الإثيوبي غير الصريح في مراعاة الحقوق التاريخية لمصر والسودان بوصفهما دولتي المصب، باشرت القاهرة دورها التنموي في القارة الإفريقية بل وفي المشروعات المائية التي تماثل أهدافها الأهداف المعلنة لسد النهضة الإثيوبي، وكان من بين تلك المشروعات «سد تنزانيا» الذي تساهم فيها كبريات الشركات المصرية.

يتضمن سد تنزانيا أعمال ملء؛ بهدف دفع توربينات توليد الكهرباء، ومن المقرر غلق السد التحويلي وعودة النهر إلى مساره الطبيعي وبداية عملية الملء لسد تنزانيا
وتشير تقديرات الخبراء المصريين إلى أنه سيتم ملء مائة وستة وخمسين مليون متر مكعب من المياه في الملء الأول لسد تنزانيا، على أن يبدأ بعد ذلك عمليات ملء لاحقة تتضمن ملء كمية من سبعة إلى ثمانية مليارات متر مكعب في ثلاثة أعوام.

ووفق التقديرات الفنية سيصل منسوب سد المياه التنزاني ثلاثة وستين مترا لضمان قوة دفع مائية مناسبة لتشغيل التوربينات وتوليد الكهرباء، وتشير التوقعات إلى أن تشغيل التوربينات سيكون خلال فترة من عام ونصف عام إلى عامين.

يدلل اهتمام مصر بإنشاء سد تنزانيا على عدة أبعاد سياسية وتنموية مفادها أن دخول الشركات المصرية مساهمة في عملية الإنشاء دليل واضح على أن القاهرة دعم ومساند رئيس لمثل تلك المشروعات التنموية في أفريقيا بالمخالفة للرواية الإثيوبية التي تطال الدور المصري حيث تزعم إديس أبابا أن مصر لا تريد تنمية لدول القارة.

يضمن سد تنزانيا العديد من الفوائد الاقتصادية التي ربما تترك تأثيرا واضحا على إثيوبيا، بحيث تتمكن تنزانيا بمساعدة مصر من توفير مصادر للكهرباء الناتئجة عن تلك السدود الكهرومائية، وهو ما يثير مخاوف لدى أديس أبابا من أن يتعرض انتاجها إن تم أصلا للمقاطعة مستقبلا.

وسياسيا تريد القاهرة أن تجدد التأكيد على رسائل السلام والتنمية التي تظهر طرفا فاعلا فيها دونما اعتبار للادعاءات الإثيوبية التي طالما حاولت التعرض للدور المصري بالمخالفة لجهوده السارية على الأرض في سياق العلاقات المتبادلة بين مصر وجميع دول محيطها الأفريقي. فهل استوعبت إثيوبيا الدرس وأيقنت يوما بأنه ليس ثمة نوايا غير صادقة لأصوات العقل التي تدعوها مجددا إلى مشاركة دولتي المصب في مشروعاتها والاستماع إلى رؤيتها الفنية والتنمية بشأن إقامة السدود على النهر؟ ربما توقن أديس أبابا بصدق رؤية مصر حال أعملت العقل وتخلت عن العناد.

Exit mobile version