حينما يكشف الزمن جرائم ولو بعد حين تتكشف معها ملابسات ربما تضع المحققين في حيرة من أمرهم أمام الفظائع التي تتعلق بها خصوصا وأن نتائج التحقيقات في كثير من الجرائم ربما تنتهي إلى تعليقها على شماعة «مجهول»، فما الذي أخفى وقائع تعلقت بحياة بشر في هذه الدولة العربية.
تعود وقائع مساحة إخفاء البشر في منطقة ترهونة الليبية إلى مسلسل من العمليات والأحداث التي ربما لم تجد الكاميرات طريقها إليها في محاولة بدت واضحة من الفاعلين لإخفاء ما فعلوه على أمل أن يبقوا خارج نطاق الملاحقة.
تعود التفاصيل إلى العثور على مواقع محاطة بالرعب في منطقة ترهونة الليبية والتي كشفت عن جرائم ممنهجة تمت في ذلك البلد الذي طالما عج بالاضطرابات على حين غفلة من المجتمع الدولي، خصوصا وأن الفترة التالية لسقوط الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي تحولت خلالها بعض المواقع الليبية إلى مرتع مأمون للعديد من التنظيمات والجماعات.
يأتي ذلك فضلا عن مناوشات فرقاء السياسية من مختلف الأطياف الليبية والذين ربما انخرطوا بالاهتمام بترسيخ الأقدام على السلطة، أكثر من اهتمامهم بالعديد من القضايا التي طالت أمن واستقرار الداخل الليبي في بلد طالت معاناة شعبة أمام فترات انتقالية يسلم بعضها بعضا بعد أن بان رهن نزاع بين برلمانين وحكومتين فيما يظل التساؤل القائم لدى أبناء الشعب الليبي ودول الجوار الشقيق: «إلى متى تسلم فترة انتقالية تاليتها في ليبيا؟».
الجرائم التي تم كشفها في ذلك البلد تؤكد أنه لن يكون أمامه مستقبلا سوى ترسيخ الاستقرار أيا كان الثمن المقرر لإعادة الأمن إلى ربوع البلاد وتأكيد حق الشعب الليبي في إعادة تفعيل أدوار مؤسساته تحت مظلة جيش وطني يصون مقدرات البلاد ويحمي أرواح أبنائها.
محققون دوليون يؤكدون العثور على حفر أشبه بالصناديق لا تتعدى مساحة إحداها مترا في متر، والكارثة أن تلك الحفر هي وراء اختفاء العديد من الأرواح البريئة في ليبيا، دونما وصول إلى الفاعلين الأصليين خصوصا مع حالة الانفلات الأمني التي طالت البلاد.
كريم خان المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية فوجئ بحجم وطريقة تنفيذ الجرائم التي تم اكتشافها في ترهونة، مقارنا إياها بما رصده في سيراليون وليبيريا والبلقان وراندا، لكن ما تم رصده في ترهونة – بحسب وصفه – أشد فظاعة.
الفاعلون لن يفلتوا من العقاب.. هكذا يعلق خان مشيرا إلى مرتكبي مثل تلك الوقائع يجب خضوعهم إلى القواعد المعمول بها في القانون الدولي، على أن يتم تسمية الأحداث بمسمياتها دون الاكتفاء بالتوصيف والادانات.
ويشدد خان أيضا على ضرورة العمل على حماية الضحايا في كل مكان في العالم، خصوصا وأننا أمام عائلات خسرت من أبنائها 20 فردا، بينما تعرض أطفال للاختطاف من منازل كان يجب أن يبقوا فيها آمنين.
وترتبط مثل تلك الأحداث التي تركت فاعليها بوصمة عار تاريخية، بما عانته ليبيا من اضطرابات لا زال الشعب الليبي يأمل في وضع حد لها والوصول ببلدهم إلى بر الأمان في ظل واقع سياسي يضمن قيام مؤسسات البلاد بدورها المنوط بها واستثمار الثروات لصالح شعب من حقه أن يحيا حياة كريمة.