في وقت تتجه فيه أنظار العالم إلى تركيا وسوريا، بعد الزلزال القوي الذي ضرب المنطقة وتسبب في آلاف الضحايا، بدأت تتصاعد المخاوف والتساؤلات عن طبيعة النشاط الزلزالي في تلك المنطقة، وتأثيره على دول المنطقة، خصوصاً بعدما شعر بالزلزال سكان دول أخرى مثل مصر ولبنان والأردن والعراق، الأمر المثير والمخيف هنا هو أن بعض الدراسات العلمية سلطت الضوء بشكل عام على إمكانية وجود علاقة بين تزايُد الأنشطة الزلزالية وبين عمليات الحفر والتنقيب عن الغاز الطبيعي.. ماذا يحدث فى شرق المتوسط؟
في وقت يتزايد فيه التنافس بين دول منطقة شرق المتوسط حول حقول الغاز الطبيعي، والتسارع نحو استخراج الغاز من المنطقة، تحدثت تقارير أن عمليات الاستخراج الواسعة التي بدأت بالفعل لها تأثير مستقبلي على زيادة النشاط الزلزالي في المنطقة.
وهو ما ظهر جليا فى زلزال تركيا، التي تعد من أهم الدول فى شرق المتوسط في استخراج النفط والغاز، وضرب زلزال بقوة 7.8 درجة جنوب تركيا وشمال سوريا، وتسببت قوته في مئات من الهزات الارتدادية العنيفة في خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات في كلا البلدين، وتشير التقديرات الاقتصادية الأولية إلى أن الأضرار الناجمة عن الزلزال لا تقل عن 50 مليارات إلى 60 مليار دولار، بالإضافة إلى أكثر من 41000 ضحية بين البلدين، كما وصل عدد المتضررين من زلزال تركيا وسوريا إلي 26 مليون شخص.
وأكدت الدراسات أن تكسير الصخور خلال عملية استخراج الغاز، وإنشاء ممرات صغيرة في الصخور الجوفية، من أجل فتح الطريق للغاز أو النفط للخروج من بين الصخور، يتسبب في حدوث زلازل دقيقة، بالكاد يمكن اكتشافها أو الإحساس بها، تسمى الزلازل المستحثّة، يحدث هذا عادةً بالقرب من مكان تكسير الصخور، على عمق 2000 إلى 3000 متر تحت الأرض، وتكون معظم هذه الزلازل أقل من 3 درجات على مقياس ريختر، وهو ما يعادل الاهتزاز الذي تحدثه شاحنة عابرة.
وفي حالات نادرة، يتسبب التكسير الهيدروليكي في أحداث زلزالية تتراوح من 4 إلى 4.8 درجة على مقياس ريختر، حتى في هذه المستويات، من غير المحتمل حدوث تلف في الممتلكات، أو خطر على السلامة العامة.
وضرب أكبر زلزال ناتج عن التصدع الناجم عن التكسير الهيدروليكي، الصينَ في عام 2018، وبلغت قوته 5.7 درجة، وهي نفس قوة الزلزال الذي حدث بشكل طبيعي في باكستان، والذي خلف ما لا يقل عن 20 ضحية في عام 2021. لذلك على الرغم من أن الزلازل التي هي من صنع الإنسان نادرة، فإنها تمتلك إمكانية التسبب في ضرر جسيم.
وبسبب شدة تلك الزلازل، سيتم إغلاق أكبر حقل غاز في أوروبا خلال العام الجاري بهولندا، بعد أن أصبحت الأضرار التي لحقت بالمنازل من الزلازل المصاحبة لعمليات الاستخراج شديدة للغاية.
وفي ولاية أوكلاهوما الأمريكية، قلّص المسؤولون عمليات استخراج الغاز بشدة، بعد أن تسبب حقن المياه والسوائل تحت الأرض في عدة زلازل، تجاوزت قوتها خمس درجات.
ليضع كل هذا دول شرق المتوسط فى خطر كبير، وعلى رأسها الأردن، مصر، اليونان، قبرص، إيطاليا، وفرنسا لاسيما مع تسارع الاكتشافات والإعلان عن حقوق عملاقة يتم اكتشافها بشرق المتوسط.