كَثُرَ المشككون في صحيح البخاري في الآونة الأخيرة، بين مُضَعِفٍ لأحاديثه وبين مُنكرٍ لها وللكتابِ كُلهِ على وجه العموم.
وبينما هم على تلك الحال، إذ بالرئيس الروسي يفاجئ الجميع ويوزع كتاب البخاري مجانًا على من يريد، مع طبعه بنسخته الصحيحة في موسكو تحديدا، فلماذا يطبع الرئيس الروسي كتاب البخاري؟ وهل سيبتلع المسلمون الطعم؟
مغازلات الرئيس الروسي للمسلمين مازالت مستمرة، لكن وتيرتها زادت بشكل غريب في الآونة الأخيرة، لدرجةٍ وصلت لإلغاء قرار محكمة روسية بشأن عدم تداول كتاب صحيح البخاري.
بل تطور الأمر أكثر فأكثر وتحول إلى ما يشبه الدعاية للكتاب، فالرئيس الروسي سيوزع الكتاب مجانًا على من يريد وسيقوم بطباعته بنسخته الأصلية المنقحة أيضًا من خلال أذرعه في الشيشان.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا يشكك به بعض المسلمين وينشره رئيس روسيا مجانا؟
رأى البعض أن توقيت القرار يحمل بين طياته الإجابة المنشودة، فقد اتخذ الرئيس الروسي ذلك القرار في توقيت حرج للغاية، لقد اتخذه في الوقت الذي يحقق فيه الأوكران انتصاراتهم على الميدان.
وهنا يحتاج الرئيس الروسي لكل دعم ممكن ليحقق انتصارا ميدانيا واحدا، ولكن كيف سيساعد المسلمون روسيا في تحقيق انتصارها على أوكرانيا؟
في النزاع الحالي بأوكرانيا، تكمن القوة الضاربة على الجزء الشمالي من المسلمين الشيشانيين، وقد أعرب الرئيس الروسي عن تقديره لهم ولشجاعتهم في الميدان أكثر من مرة.
وفي كل مرة يؤكد أن الإسلام عنصر بارز داخل الثقافة الروسية، وجزء لا يتجزأ من تاريخها، كما أدان رئيس روسيا من قبل رسوما مسيئة للنبي محمد ﷺ، ورفض السماح بنشرها في روسيا.
وانطلاقا من تلك النقطة، فإن الرئيس الروسي يحاول استمالة المسلمين إلى جانبه في مواجهته مع الغرب والأمريكي، مستغلا في ذلك بعض المساحات المشتركة بين المسلمين وروسيا.
فالمسلمون في روسيا يمثلون 15% من السكان، وقد أصبحوا بذلك الديانة الثانية في البلاد، وعلى الرغم من النسبة العددية الكبيرة للمسلمين في روسيا، إلا أنهم غير ممثلين بصورة مناسبة في الحكم.
ولكن يبدو أن خطوة الرئيس الروسي جنت ثمارها بعيدا عن حدود دولته، فقد خرج بعض المسلمين في الدول العربية وأطلقوا عليه لقب «الخليفة»، وأشادوا بنيته الحسنة في دعم الدين الإسلامي.
بينما خرجت أصوات أخرى تنادي بعدم التركيز كثيرًا على نوايا الرئيس الروسي، واستغلال النزاع الدائر بينه وبين الغرب في تحقيق أي مصالح تخص البلاد العربية.
فالنسبة لهؤلاء، فإن النزاع الدائر الآن يمثل فرصة ذهبية لا تتكرر كل يوم ويجب استغلالها في تحقيق أي مكاسب ممكنة.
وفي النهاية، ما رأيكم في مبادرة الرئيس الروسي؟ وهل تظنون أن ورائها دوافع خفية، أم أنها مبادرة صادقة تهدف لخدمة الإسلام والمسلمين؟