استيقظ من تبقى من الأوكرانيين صباح الخميس على وابل من نيران الطائرات الروسية التي دوى أزيزها في سماء بلادهم، بعمليات مفاجئة خيبت ظن الولايات المتحدة التي اعتقدت أن فرض حظر جوي في سماء أوكرانيا قد يفتح باب مواجهة شاملة لن تبقي ولن تذر. لكن بدت السيناريو الأصعب قادما قادما رغم الحذر منه.
حولت الهجمات الروسية سماء أوكرانيا إلى جحيم من الوهج، فيما بدت أرضها مدكوكة ومنازلها أطلالا فيما تحولت بعض أحيائها إلى ما يشبه فوهات البراكين بفعل ضربات روسية لم ترحم. الضربات الجوية الروسية حولت البنية التحتية في العديد من المدن الأوكرانية إلى شيء من الماضي.
أصبحت سماء أوكرانيا بالكامل تحت سيطرة الجيش الروسي، الذي يؤكد الخبراء أن ضرباته الأخيرة التي استهدفت البنية التحتية، بشكل شبه كامل، استوعب الدروس السابقة في المواجهات الماضية التي بدأها منذ بدء الأزمة، بل ونجح في تلافي أسلوب مواجهات العصابات.
يعكس التحرك العسكري الروسي بفرض السيطرة جوا، خطة روسية تستهدف تقليل خسائر موسكو في المواجهات والوصول إلى مستوى «تصفير الخسائر»، بعد أن ألقى اقتراب الشتاء بتحديات كبيرة أمام القوات الروسية مع تراكم الجليد أمام آلياتها العسكرية في عدد من المواقع الأوكرانية.
العاصمة الأوكرانية كييف كان لها نصيبها من العملية العسكرية الجديدة والتي نالت مقذوفا من نوع كروز، أما مدينتي دنيبرو (وسط) وأوديسا المطلة على البحر الأسود فقد نالتا هجمات جوية مماثلة، وإلى الآن لم تقيم كييف خسائرها بشكل كامل من الضربات.
الخبراء يرون أن العملية العسكرية الجديدة تستهدف أيضا السيطرة على التطور الجزئي الذي حققته القوات الأوكرانية بفعل الدعم الذي حصلت عليه من الدول الغربية، فضلا عن الحفاظ على الحالة المعنوية للجنود الروس بعد الخسائر التي طالت جيشهم وهي خسائر وإن كانت (ليست كبيرة) لكن المقارنة بين القدرات العسكرية الروسية ونظيرتها الروسية تجعل أي خسائر في صفوف القوات الروسية ذات تداعيات صعبة على المستوى المعنوي.
على صعيد متصل تشهد الأزمة الأوكرانية تطورات جديدة بعد استهداف بولندا بمقذوفات قيل إنها روسية فيما نفت موسكو تلك الإدعاءات، لكن بولندا قررت الدخول على خط الأزمة الأوكرانية، فقررت وارسو إدخال كتيبة مدربة من البولنديات للقتال بجانب المرتزقة الأجانب في كييف، الأمر الذي اعتبرته روسيا محاولة بولندية واضحة لتقسيم أوكرانيا التي تريد وارسو السيطرة على المنطقة الغربية منها.
أما الدعم الغربي المقدم إلى كييف فقد ركز مؤخرا على الدفع بمزيد من الأفراد المدربين، حيث أطلق الاتحاد الأوروبي مهمة تدريبية عالية المستوى لتدريب نحو 15 ألفاً من القوات الأوكرانية في بولندا.
لم يعد الوضع الميداني على الأراضي الأوكرانية ينذر بخير، بعد تجميد أي تحرك سياسي لاحتواء الصراع والوصول إلى حل يضمن للشعب الأوكراني العيش في سلام، فيما يرى خبراء أن حصول روسيا على مبتغاها من الحرب ولو بشكل جزئي أمر حتمي الحدوث؛ لأن موسكو هي الآن صاحبة الكلمة العليا في تحديد وقت لنهاية الأزمة. فيما اتخذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العديد من التدابير والقرارات التي تضمن للداخل الروسي جبهة قوية؛ لضمان القدرة على الاستمرار في إدارة صراع طال أمده و ساءت نتائجه على أطرافه كافة.. فهل يستجيب أطراف الأزمة إلى نداءات دولية طالبت بإنهاء الصراع وتجنيب أطرافه ويلات مواجهات لن يرحمهم التاريخ من تفاقم نتائجها.