يبدو أنه حان للشمس أن تغيب عن الإمبراطورية البريطانية، بفعل أزمة الطاقة التى تسببت فى تصدع قواعد وأساسات الحكومة البريطانية فما بين إنهيار مالى وإضرابات فى القطاع الصحى والنقل تبدأ الحكومة الجديدة أعمالها.. ماذا حدث لبريطانيا بعد إليزابيث؟
تداعت مناحى الحياة فى بريطانيا بشكل سريع بفعل أزمة الطاقة التى تضرب القارة العجوز، فتشهد لندن أزمة خطيرة مع ارتفاع كلفة المعيشة وارتفاع نسبة التضخم والتى تجاوزت 10%، والتى تعد الأعلى منذ 40 عاما.
فوصل معدل انهيار الشركات والأعمال في بريطانيا إلى أعلى مستوى له منذ قمة الأزمة المالية العالمية عام 2008 – 2009، فتراجع الطلب على السلع والخدمات وارتفعت كلفة الاقتراض نتيجة الزيادات المتتالية في أسعار الفائدة.
وأوضحت البيانات التي أصدرها مكتب الإحصاء الوطني في بريطانيا، خلال الشهر الحالى، أن عدد الشركات والأعمال التي أفلست في إنجلترا وويلز في الربع الثاني من هذا العام بلغ 5629 شركة، وذلك أعلى معدل إفلاس في ربع سنة منذ الربع الثالث من عام 2009.
وذكرت التقاير، أن العامل الرئيس في انهيار الأعمال هو الارتفاع الصاروخي في فواتير استهلاك الطاقة، إضافة إلى صعوبة تسديد الديون المستحقة على الشركات والأعمال وارتفاع كلفة المواد الخام ومدخلات الإنتاج نتيجة الأعطال في سلاسل التوريد.
وأكدت التقارير، أن تلك العوامل أثرت على الشركات في أغلب القطاعات، لكن قطاعات معينة شهدت معدلات الإفلاس الأكبر مثل البناء والإنشاءات ومبيعات التجزئة والفندقة والتغذية.
ففي النصف الأول من هذا العام، مثلت الإفلاسات في قطاع التشييد والبناء نسبة 20 في المئة من إجمالي الأعمال المفلسة. وبلغ عدد الشركات المنهارة في القطاع 2083 شركة. وجاء قطاع مبيعات الجملة والتجزئة في المرتبة الثانية بنسبة 14 في المئة من إجمالي الإفلاسات.
كما شهد قطاع النقل، أزمة كبيرة أيضا، فتعطلت حركة القطارات بشدة في بريطانيا بسبب إضراب نقابات السكك الحديدية التي تطالب بزيادة الأجور في ظلّ التضخم القياسي، بمشاركة نحو 40 ألف عضو في نقابة “آر إم تي” بشبكة “نتوورك رايل” و15 شركة لتشغيل السكك الحديدية للمطالبة بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل.
وفى مجال الصحة يستعد أكثر من 300 ألف عضو في أكبر اتحاد للتمريض في بريطانيا، للتصويت على إضراب للمطالبة بزيادة الأجور لمواكبة التضخم المتصاعد، في أكبر تحرك من نوعه، في تاريخه الممتد منذ 106 أعوام.
وقال المعهد الملكي للتمريض، وهو أكبر نقابة للممرضين في البلاد، إنه اضطر إلى هذا الإجراء “بعد أن أدى انخفاض القيمة الفعلية للأجور إلى منع الناس من الانضمام لهيئة الصحة الوطنية التي تمولها الدولة، ما ترك فجوات كبيرة في الموظفين بجميع الفروع والتخصصات”.
وأكدت الأمينة العامة لنقابة الممرضين : “نعاني نقصاً في الموظفين، وعدم التقدير وضعف الأجور، فتم دفع مهنتنا إلى حافة الهاوية لسنوات، والآن يتم دفع الثمن على حساب سلامة المرضى”.
وطالبت، بضرورة تطبيق زيادة في الأجور بنسبة 5 % فوق معدل التضخم، للتغلب على انخفاض القيمة الفعلية للأجور، حيث يجد أعضاؤها صعوبات في مواجهة ارتفاع كلفة المعيشة.
فيما شارك المئات في تظاهرات نظمت في العاصمة البريطانية لندن ومدن أخرى في المملكة المتحدة احتجاجا على غلاء المعيشة، حاملين لافتة سوداء تدعو إلى “خفض فاتورة الطاقة”، نتيجة لارتفاع كلفة الطاقة التي ترغم العائلات محدودة الدخل على عدم تدفئة منازلها.
فيما حثت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، حزبها المنقسم على الوقوف في صف واحد والمساعدة في تغيير الاقتصاد والبلد.
أثرت أزمة الطاقة على بريطانيا بشكل كبير، بحيث تداعت كافة مناحى الحياة، ما يتطلب تحركات عاجلة من رئيس الوزراء ليزا تراس التى تولت مهام عملها فى ظروف صعبة مع نهاية حقبة الملكة إليزابيث الثانية، وأزمة طاقة طاحنة تعانى منها الدول الأوروبية.