بعد أن وصلت مفاوضات سد النهضة إلى طريق مسدود بين إثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان، أعلنت أديس أبابا عن رغبتها في فتح باب من التعاون مجددًا بين الأطراف المعنية، فهل تصدق إثيوبيا في وعودها الكثيرة رغم إجراءاتها الأحادية؟ هذا ما سنجيب لكم عليه
تجمد المفاوضات
حالة من الجدل أثارتها الخارجية الإثيوبية مؤخرًا بإعلانها رغبتها في طمأنة مصر والسودان بشأن سد النهضة، وذلك عبر فتح آفاق أرحب من التعاون وتبادل المعلومات مع دولتي المصب.
يأتي إعلان أديس أبابا في ظل حالة من الركود والتجمد في المفاوضات، وكذلك إقدام إثيوبيا على عدة إجراءات أحادية بشأن ملء وتشغيل السد، آخر تلك الإجراءات كان تنفيذ عملية الملء الثالث استعدادًا للتخزين الرابع عام ٢٠٢٣.
لماذا أبدت إثيوبيا مرونة في هذا الوقت؟
على مدار أحد عشر عامًا هي عمر الأزمة، دخلت مصر والسودان وإثيوبيا في عدة جولات من المفاوضات، إلا أن أديس أبابا لم تُبد أي مرونة للحل طوال تلك الفترة، وكذلك كان هناك تعنت من جانبها وعدم قبول لأي حلول مقترحة سواء قدمتها مصر والسودان منفردتين، أو كل على حده، وكذلك لم تقبل الاقتراحات التي قدمها الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، فماذا تغير في الوقت الحالي؟
إثيوبيا في نظر بعض خبراء الموارد المائية والري تحاول إلهاء مصر والسودان، وتعمل على تضييع الوقت من أجل استكمال مراحل التخزين، والإجابة على التساؤل الذي يفرض نفسه لماذا كل تلك المماطلة والتعنت من الجانب الإثيوبي، وهل يمكن أن تتجه مصر لمجلس الأمن في حالة استمرار الوضع على ما هو عليه.
فالتصريحات التي يطلقها مسئولي الأطراف المعنية لن تكون ذات جدوى، ما إن لم يتم توقيع اتفاق قانوني ملزم، يتحكم في ملء خزان السد، وكذلك يحدد كيفية إدارته وتشغيله بالتشارك بين إثيوبيا ودولتي المصب، كما يضع حلول جذرية لتقسيم الإيراد المائي، إذا حدثت دورات متوقعة من الجفاف.
وقت الحسم
الدكتور ضياء الدين القوصي خبير الموارد المائية والمستشار السابق لوزير الري في تصريحات صحفية قال إن على الرغم من إتباع مصر الحلول الدبلوماسية وسلوكها طريق المفاوضات لفترات طويلة، فصبر دولتي المصب بدأ في النفاد، فما تروج له أديس أبابا مجرد تضييع للوقت واستنزاف للفرص المتاحة.
وتعمل دولتي المصب على أن تستنفذ كل الحلول السلمية بما في ذلك أن يتحمل مجلس الأمن مسئولياته في هذا الصدد وأن يتوصل إلى تسوية عادلة للقضية بما يضمن حقوق الشعوب الثلاثة، إثيوبيا في محاولتها للتطوير والتنمية، وكذلك حق دولتي المصب والشعبين المصري والسوداني في الحياة، التي تتوقف على توافر ماء النيل.
يأتي ذلك بالتزامن مع عقد جلسات مشتركة بين الجانبين السوداني والإثيوبي على هامش انعقاد منتدى تانا في إثيوبيا، والتي أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان اتفاقه مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عن عزمه في حل كل الأمور العالقة بما في ذلك أزمتي سد النهضة والحدود، فهل تشهد الفترة القادمة إنفراجة في القضية، أم يستمر آبي أحمد في وعوده الزائفة؟