يبدو أنه حان الوقت لأزمة سد النهضة أن تنتهي، وأن تغلق القضية المستمرة من أكثر من 10 سنوات بين مصر وإثيوبيا والسوادن بشأن سد النهضة ملفاتها.. ولكن هذه المرة يأتي الحل من واشنطن.. ماذا قدمت القمة الأمريكية الإفريقية لمصر؟
تنطلق اليوم الثلاثاء قمة أمريكية – إفريقية مرتقبة، هي الثانية من نوعها، ولكن هذه المرة مختلفة حيث تأتي في إطار استراتيجية جديدة معلنة لواشنطن تشير إلى «اهتمامها بالقارة السمراء»، والسعي لتكوين «شراكة حقيقية».
ويشارك في القمة، التي يستضيفها الرئيس الأميركي جو بايدن، من 13 إلى 15 ديسمبر بواشنطن، نحو 49 من قادة ورؤساء الدولة الإفريقية، ومن بين قضايا عدّة على أجندة القمة، يبرز نزاع «سد النهضة»، بين مصر والسودان وإثيوبيا، كإحدى القضايا المهمة المنتظر طرحها.
وتتنازع إثيوبيا مع كل من مصر والسودان “دولتي مصب النيل”، حول السد الذي يجري بناؤه منذ 2011، على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتقول القاهرة، إنه يهدد «حقوقها» في مياه النهر الدولي، مطالبة بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأنه مسبقاً، في حين تتحسب الخرطوم لأضرار بيئية واقتصادية جراء السد.
وتتفق مصر والسودان على ضرورة التوافق مسبقاً مع إثيوبيا على القواعد التنظيمية لتشغيل وملء «سد النهضة» بما يحد من الأضرار المتوقعة.
وانسحبت أديس أبابا فى عام 2020 من الاتفاق الأقرب الذى كان سيحل الأزمة من جذورها برعاية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، عن طريق توقيع الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا بالأحرف الأولى على اتفاق ملزم بشأن ملء خزان السد على مراحل وعلى آليات لضبط ملئه وتشغيله خلال فترات الجفاف والجفاف الممتد، لكن إثيوبيا تخلّفت عن الاجتماع، ووقّعت مصر فقط عليه بالأحرف الأولى.
ومنذ أبريل 2021، تجمدت المفاوضات بين الدول الثلاث، التي تجري برعاية الاتحاد الأفريقي، بعد فشلها في الحل، الأمر الذي دعا مصر للتوجه إلى مجلس الأمن الدولي للاحتجاج، والمطالبة بالضغط على إثيوبيا عبر الشركاء الدوليين للقبول باتفاق يرضي جميع الأطراف.
وأكد مصدر مصري لصحيفة «الشرق الأوسط»، اعتزام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي سيترأس وفد بلاده في القمة، طرح الملف بقوة في ظل موقف القاهرة الثابت من القضية التي تصفها بـ«الوجودية».
وأكد مراقبون أن التوصل إلى حل خلال القمة الإفريقية الأمريكية ليس سهل المنال لأنه بالإضافة إلى الأزمات المترسخة من أكثر من عقد، فتتخلف السوادن عن القمة نتيجة لاستبعادها بسبب تعليق عضويته بالاتحاد الأفريقي، وكذلك غياب رئيس الوزراء الإثيوبي لاعتبارات سياسية، حيث تترأس سهلي ورقي، رئيسة جمهورية إثيوبيا، وفد بلادها في القمة.
وعلى الرغم من ذلك يرى المراقبون، أن دعم الولايات المتحدة الأمريكية للاتحاد الإفريقي في هذه الأزمة سيكون المفتاح الذهبي الذي يحل كل السلاسل التي وضعتها إثيوبيا حول القضايا الخلافية مع مصر والسودان لتمهد الطريق إلى إنهاء الأزمة بشكل جذري.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، شدد في ختام «قمة جدة للأمن والتنمية»، على ضرورة «إبرام اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، من دون مزيد من التأخير»، مؤكداً أهمية «صياغة قرار دبلوماسي يحقق مصالح جميع الأطراف ويساهم في الوصول إلى منطقة أكثر سلاماً وازدهاراً».
وتضع أزمة سد النهضة، الإدارة الأمريكية في موقف حرج في ظل فشل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الوصول إلى حل بسبب تعنت إثيوبيا، وأن أي فشل للمرة الثانية في ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن سيكون رسالة سلبية عن قوة واشنطن في القرن الإفريقي.
وتسعى واشنطن للوصول إلى حل جذري ونهائي للأزمة المستمرة من 11 عامًا، في ظل منافسة كبيرة مع بكين في القرن الإفريقي والتواجد في القارة السمراء.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قد طرح قضية سد النهضة على القمة العربية الصينية في الرياض منذ أيام، في ظل الدور الكبير لبكين في إثيوبيا ومشاركتها في بناء السد، وبالتالي قدرتها الكبيرة على إقناع إثيوبيا في التوصل إلى حل ينهي الشواغل المصرية والسودانية.
المنافسة الصينيية الأمريكية على حل الأزمة لتوطيد الزعامة في القرن الإفريقية قد تكون نقطة إيجابية لمصر والسودان لسرعة الوصول إلى حل للأزمة المستمرة من سنوات طويلة في ظل مرواغات مستمرة من الجانب الإثيوبي.. فهل تستطيع القمة الإفريقية الأمريكية إنهاء أزمة سد النهضة؟