لطالما كان “الصفر” بلا قيمة، سواء أضفته أو خصمته من أي رقم، أو إذا جاء على يسار العدد وتأخذ قيمته فى الارتفاع كلما جاء على يمين أي عدد أو زادت أعداده لكن وزير الخارجية الألماني السابق أعاد اكتشافه، واستبدله بـ180 ألف يورو.. فكيف فعل ذلك؟
الوزير هايكو ماس، رأس الدبلوماسية الألمانية حتى أوائل ديسمبر 2021، وبدا طوال العام المنصرم وكأنه يعاني تبعات الغدر، بعد أن استبعده حزبه الاشتراكي الديمقراطي من الحكومة بالكامل.
وبعد خروجه من التشكيل الوزاري، بات ماس عضوا بالبرلمان الألماني عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم، فقط، وظهر كأنه “سئم” السياسة، “بمرور الأيام فقط”، ولكن مقابل أموال ضخمة من مخصصات نواب البرلمان.
فبعد أن خرج من الوزارة فى ديسمبر 2021، واصل هايكو ماس، حياته السياسية كنائبًا فى البرلمان الألماني، وعلى مدار 2022، عقد البوندستاج “البرلمان الألماني” عدد 77 جلسة رسمية لمناقشة مواضيع مثل أزمة المناخ، والجائحة والمواجهات العسكرية في أوروبا وأزمة الطاقة، لكن بقي نائبًا واحدًا فقط من أصل 736 نائبا صامتا طوال العام، ولم يتحدث لمدة ثانية واحدة.
هذا الصامت الوحيد كان الوزير السابق هايكو ماس، الذي تمس معظم القضايا التي ناقشها البرلمان في عام 2022، عمله السابق كوزير للخارجية، وبالتأكيد يملك رأيا ومعلومات ثمينة فيها.
وبالمقارنة مع العام السابق الذي جمع فيه ماس بين عضوية البرلمان والحكومة، فإنه تحدث 13 مرة، بإجمالي ساعتين و42 دقيقة و8 ثوانٍ أمام البوندستاج.
يبدو أن الوزير السابق ماس قد سئم السياسة والحديث فيها وسحب كرسى ليجلس على المائدة يشاهد زملائه يناقشون أهم القضايا التي قد تعصف بالدولة الألمانية وأوروبا بالكامل دون أن يهز له جفن أو أى مبالاة.
هيكو ماس الذي يشغل مقعد البرلمان عن ولاية سارلاند الجنوبية، لم يحذ حذو زملائه أعضاء البرلمان عن نفس الولاية، والذين تخطوه في عدد مرات الحديث أمام البرلمان، رغم خبرتهم المتواضعة وعدم شهرتهم، وفق صحيفة بيلد الألمانية “خاصة”.
وفيما وصف البعض “صمت ماس” طوال 2022 بـ”التصرف الوقح”، وفق بيلد، لأن الرجل حصد أموالا ضخمة رغم صمته، ولأن الشعب يدفع مخصصات البرلمانيين مقابل أن يكون لهم دور في رسم السياسة.
والبدل الشهري لعضو البرلمان هو يتخطى 10 آلاف يورو، يضاف إليه بدل نفقات معفاة من الضرائب بقيمة تتجاوز 4.5 آلاف يورو، ليصبح مجموع ما تقاضاه ماس مقابل صمته في 2022، نحو 180 ألف يورو.
لكن هل كان صمت ماس ويأسه من السياسة، مقدمة لتخليه عن موقعه في البرلمان؟ سؤال طرحته صحيفة بيلد على وزير الخارجية السابق، لكن رده كان يشبه دوره في البوندستاج: صمت متواصل لمدة أسبوعين قبل نشر التقرير.
ليكون الوزير الصامت هو من أعاد اكتشاف الصفر، ونجح من خلال ذلك في كسب نحو 180 ألف دولار، ليتحول صمته فى البرلمان إلى أموالاً كثيرة، ليحقق المقولة الشهيرة “السكوت منذ ذهب”.. فنجح من خلال صمته الحصول على الأموال.. لكن لماذا كان ماس صامتًا إلى هذا الحد؟