توفيت فجر السبت الفنانة الفلسطينية المناضلة ريم بنا، عن عمر يناهر الـ 52 عامًا، بعد صراع طويل دام نحو تسع سنوات مع مرض السرطان، حتى أخذت نفس أخير لم يكن له صدى رجعي في العاصمة الألمانية برلين، لتعلن أسرتها ببالغ الأسى وفاة العصفور الأبيض فجر اليوم.
يستعرض موقع لقطات 3 محطات من حياة الراحلة ريم بنا كتبت النهاية الصادمة :
1- رأت الموت 3 مرات في ليلة واحد :
تركت ريم بنا عبر حسابها الشخصي عبر “فيسبوك”، معاناتها في ليلة الأول من فبراير المنقضي، حين أكدت بأنها رأت الموت 3 مرات بخلال ساعات قليلة، الأمر الذي لم تأخذه على محمل الجد قط، حتى عنونت ما كتبته عبر حسابها بأجمل مقولاتها: ” وما الحياة إلا رحلة خرقاء والتالي هو الأجمل “.
منذ فبراير تقريبًا، ومنحنى كلمات العصفور الأبيض باتت تتغير إلى الحياة الأجمل المنتظر في الحياة الثانية، وقبل تلك الليلة، ليلة الأول من فبراير أكدت ريم بأنها باتت تشعر بتسارع في دقات قلبها علاوة على تسارع في النفس، حتى صارحها الطبيب بأنها ستصاب بـ”جلطة بالرئة”.
كابرت ريم بنا كل ما كانت تشعر به، حتى جاءتها الهجمة الشبة قاتلة، باتت غير قادرة على أخذ نفس أو إرجاع أخر، توقف كل شئ حولها ليلة الأول من فبراير، نُقلت على إثر ما ألم بها إلى مستشفى الناصرة لترقد في العناية المشددة، عرف الطبيب أن المياة زادت على الرئة ولا بد من سحبها كافة لتعود لوعيها، لكن ما باليد حيلة يجب نقلها لمستشفى حيفا لأن مشفاهم لا يوجد بها أي إمكانيات لشفط المياة تلك.
كتب الله لريم بنا الحياة الجديدة بعد تلك الليلة السوداء، قالت ريم في تعليقها على تلك الليلة: ” رافقني طبيبي ورفيق الحياة “سالم بلان” إلى مكان بارد لا يبدو أليفًا، يسمونه هنا غرفة “الصدمة”، وهو فعلا صدمة، جسدي كله كان مصدومًا حتى أني لم أنم بعد 36 ساعة من شدة توتر الجسم، والصدمة التي عشتها، لكن بالنهاية أعطوني منوم.. أحبتي المكابرة “جدعنة” في بعض الظروف لكنها قد تكون قاتلة، وفي الحقيقة هذه المرة كادت أن تقتلني، وها أنا عبرتها بسلام أخرق “.
2- علاج “تمييع الدم” وجلطة جديدة مفاجأة :
بعدما أزال الطبيب المياة الموجودة على رئتيها، سألته ريم: ” هل استطيع العودة لحيفا كي أخذ فنجان قهوة أخر أو أخير ؟” بعدما كاد الصمت يخيم على نظرات الطبيب القاسية، أجابته هي: ” أعلم أني ممنوعة من القهوة، لكن بعلمك أنا ما بنجلط أنا بجلط الكل وما بنجلط يكون بعلم ! “.
إلا أن الجميلة الراحلة عنا خضعت بعد أيام قليلة من الأول من فبراير لعلاج أخر قالت بأن اسمه “تمييع دم”، وبعد الفحوصات وجد الأطباء أن لدى ريم بنا جلطة في القدم اليسرى من الأسفل، وأكدوا لها أن تلك الجلطة قد تسبب إجهاد القلب بشكل كبير، وأنها ستعاني مرات عدة تلك الفترة من تسارع بدقات القلب وتسارع في النفس حد عدم القدرة على أخذه، لذا عليها الاستعداد !.
3- أسرتها تخرج ببيان يوم 18 مارس 2018 محزن :
وفي صدمة، خرجت أسرة ريم بنا في بيان مؤسف أكدوا خلاله أنها تعرضت لانتكاسة صحية شديدة هذه المرة، نُقلت على إثرها لمستشفى الناصرية، ولسبب قلة الإمكانيات هناك غادرة إلى برلين للخضوع لعملية بسيطة.
وبعد أيام تركت الأسرة رسالة أخرى عبر حسابها على “فيسبوك” جاء فيها: ” نطمئنكم بأنها صامدة لا تتزحزح عن حبها للحياة ولفلسطين التي أعطتها كل ما تمتلك من طاقات لرفع قضاياها وقضايا شعبها “، ونذكركم بكلماتها الجريئة ووصيتها لكم حين قالت ” ” أحرقوا جسدي بعد مماتي، وعبئوا رُفاتي في زجاجة عرق نصراوي واحشوها بالبنزين والمواد المشتعلة لتتحول إلى مولوتوف في يد مقاوم يرجم بها أعداء الحب وطغاة الأرض “.
ومنذ أيام قليلة، كانت الجميلة الراحلة عنا قد تركت عباءة المرض وهرولت لتترك أخر كلماتها لأولادها الثلاث: ” بيلسان، أورسالم، وقُمران”، فقالت فيها :
“بالأمس .. كنت أحاول تخفيف وطأة هذه المعاناة القاسية على أولادي ..
فكان علي أن أخترع سيناريو ..
فقلت …
لا تخافوا.. هذا الجسد كقميص رثّ.. لا يدوم ..
حين أخلعه ..
سأهرب خلسة من بين الورد المسجّى في الصندوق ..
وأترك الجنازة “وخراريف العزاء” عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام … مراقبة الأخريات الداخلات .. والروائح المحتقنة …
وسأجري كغزالة إلى بيتي …
سأطهو وجبة عشاء طيبة ..
سأرتب البيت وأشعل الشموع …
وأنتظر عودتكم في الشرفة كالعادة ..
أجلس مع فنجان الميرمية ..
أرقب مرج ابن عامر ..
وأقول .. هذه الحياة جميلة
والموت كالتاريخ ..
فصل مزيّف ..”.