“إحنا اتفرقنا وعلى الله الرجوع”، عبارة تأتي من التراث الفلسطيني القديم جدًا، إلا أنها خرجت من فم إحداهما ذات يوم بعد فراق وقع بينها وبين الحبيب، لم تكن تدري الكاتبة رضوى عاشور ، المصرية الراحلة أنها ستحتاج إليها ذات يوم للتعبير عن فراقها عن الحبيب، لم يكن فراق مشاعر أكثر من كونه فراق أوطان.
1- سلم كلية الآداب جامعة القاهرة :
كانت الشابة العشرينية وقتها، وسارت بإتجاه مكتبة جامعة القاهرة لتستخرج عدة أبحاث تُفيدها في دراساتها، وجدت مجموعة من الشباب يلتفوا حول بعضهم البعض، وبشكل ما يخرج من جمعهم كلمات تحمل معاني جميلة.
اقتربت هي دون أن تدري كيف وصلت لهذا الجمع، وجدتهم يلتفون حول شاب رائع الجمال يُلقي عليهم الشعر بشكل مميز عن غيره، توقفت رغمًا عنها أمام كلماته، حتى أنها قالت في أحد الأحاديث الصحفية: “من ساعتها بطلت أكتب شعر، مَريد خلاني أبطل، لقيت قدامي شاعر بجد”.
هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا. مقتطفات من “أثقل من رضوى”.
2- زيارة السادات لـ” الكنيست الإسرائيلي”.. وفراق الأحبة :
في عام 1977، وبعد زيارة الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، للكنيست الإسرائيلي، ولأن مَريد البرغوثي، زوجها العزيز، فلسطيني الأصل، رفض تلك الزيارة بشكل كبير، حتى أنه خرج في مظاهرات ضد السادات، ولكثرة اعتراضه عليه، تم إتخاذ قرار بطردة من مصر هو وعدد كبير من الفلسطينيين في ذلك الوقت، ففرقتهم السياسة حتى وضعت كلا منهما في وطن غير الثانٍ.
غريب أن أبقى محتفظة بنفس النظرة إلى شخص ما طوال ثلاثين عامًا، أن يمضي الزمن وتمر السنوات وتتبدل المشاهد وتبقى صورته كما قرّت في نفسي، في لقاءاتنا الأولى. “رضوى عاشور” من رواية “فرج”
3- أثمر زواج رضوى ومريد عن مولد شاعر بالفطرة “تميم البرغوثي” :
لكن “تميم” ولد من أب فلسطيني، وأم مصرية، فلم يكسب شرف تلك الجنسية أو هذه، فقط ظل وحتى الآن شاعر عظيم يبلغ الثلاثين من عمره، لكنه بدون أي جنسية، كما أن “تميم” جاء في العام الأكثر حزنًا 1977.
ولد تميم وبعده تم طرد أبيه من الأراضي المصرية، فعاش مع رضوى عاشور وكانت له بمثابة الأم والأب والأخت والحبيبة، طُرد حبيبها وجاء للدنيا شئ من رائحته.
تبدو المصائب كبيرة تقبض الروح ثم يأتي ما هو أعتى و أشد فيصغر ما بدا كبيرًا. من “ثلاثية غرناطة”.
4- “الطنطورية”.. ونس للروح بعدما شردتها الوحشة :
تأتي رواية “الطنطورية”، من أبرز الروايات التي قدمتها رضوى عاشور في مسيرتها الأدبية الحافلة، وكأنها كانت تغزل الكلمات بجوار بعضها وبشكل محترف، كأنها كانت تُزيح عن أنفاسها وحشة الفراق، تلك الرواية التي استغرقت كتابتها الـ 10 أشهر فقط.
حتى هي، خرجت لتعبر عن دهشتها من كتابة كل هذه التفاصيل في وقت قصير جدًا كهذا، فعبرت قائلة: “كانت الرواية تُكتب داخلي، طوال عمري”، خاصة وأن “الطنطورية”، تعبر عن قصة سيدة فلسطينية شردتها الأيام لتصبح من “مواطنة فلسطينية”، إلى “لاجئة” مشردة في بقاع الأرض بين الحين والآخر.
عند موت من نحب نُكفنه، نلفه برحمة ونحفر في الأرض عميقًا، نبكي، نعرف أننا ندفنه لنمضي إلى مواصلة الحياة، فأي عاقل يُنبش قبور أحبابه؟! من رواية “الطنطورية”.
5- الحياة قاسية على عكس ما كنت أتخيل “رضوى” :
تلك العبارة خرجت منها وقتما كانت تحاول مرارًا أن تحصل على الجنسية المصرية لابنها الوحيد “تميم”، وفي سبيل مناصرة “مَريد” في القضية الفلسطينية، فلم يحصل الأول على جنسية، ولم يحصل الثاني على وطنه، وتوفت هي دون اطمئنان داخلي عليهما معًا.
” الوداع ثقيل.. أقول تعودت!.. اكتشفت ساعة السفر أن التعود وهم “.. من رواية “ثلاثية غرناطة”.
حيث تحل اليوم الذكرى الثالثة للكاتبة المصرية الراحلة، رضوى عاشور، وتعتبر رضوى من أبرز كتاب السير الذاتية بشكل مختلف وجديد.