خواطر العشر الأواخر من رمضان ، يعتبر شهر رمضان من الأشهر العظيمة التي لها قيمة وعظمة وروحانيات جميلة، حيث ينتظر الناس هذا الشهر العظيم من العام للعام مشتاقين إليه بكل ما فيه من نوافل وسنن وفروض.
ويعتبر العشر الأواخر من رمضان أعظم أيام الشهر الكريم، لأنها أيام عتق من النار، حيث ينتظر الناس الأيام الأخيرة من رمضان ويكثرون من الصلاة وقراءة القران والاستغفار ويدعون الله أن يتقبل منهم ويغفر لهم.
فإليكم خواطر العشر الأواخر من رمضان:-
قال تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: «هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ، هَلْ مِنْ دَاعٍ فَيُسْتَجَابَ لَهُ، هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ، حَتَّى يَنْشَقَّ الْفَجْرُ أَوْ يَرْتَفِعَ».
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لله عتقاء من النار، وذلك كلَّ ليلة».
وإذا كان هذا هو حال العبد مع ربه، وحال ربه معه، ذنوب فتوبة واستغفار، ودعوة من رب رحيم غفار، كانت الذنوب طريقا إلى الجنة.
ولا يستغربنَّ أحدنا هذا الكلام، فقد تكون الذنوب مع الندم عليها، والفرار منها، والإصرار على عدم العود إليها طريق العبد التائب إلى الجنة!
وقد تكون الطاعة مع الافتخار والرياء وطلب الشهرة وحظ النفس منها طريقا لعدم القبول!
ويرحم الله ابن عطاء الله السكندري إذ قال: رُبَّ معصية أورثت ذلًا وانكسارًا، وربَّ طاعة أورثت عزًّا واستكبارًا.
أن من عجائب الأحوال حال التائبين.
وبين أن بعض السَّلَف قالوا إن العبد ليَعمل الخطيئة فيَدخل بها الجنَّة، ويعمل الحسنةَ فيدخل بها النار، قالوا: كيف؟ قال: يعمل الخطيئةَ فلا تزال نصبَ عينيه؛ إذا ذكرها ندِم واستغفر وتضرَّع إلى الله، وبادر إلى مَحوها، وانكسر وذلَّ لربه، وزال عنه عُجبه وكِبره، ويعمل الحسنةَ فلا تزال نصبَ عينيه؛ يراها ويمنُّ بها، ويعتد بها ويتكبَّر بها، حتى يدخل النار.
ندعو المذنب إلى أن يعظم الله في قلبه فيتوب إليه، ويندم على تقصيره في حقه، لتكون توبته من ذنوبه بداية قبول وصلة بالله.
قال الهواري: إذا أراد الله بعبد خيرًا سلبه رؤيةَ أعماله الحسنة من قلبه، والإخبار بها من لسانه، وشغله برؤية ذَنبه، فلا يزال نصبَ عينيه خائفا من عقوبته حتى يدخل الجنَّةَ.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إن المؤمن يرى ذنوبَه كأنه قاعد تحت جبَل يخاف أن يقَع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبَه كذُباب مرَّ على أنفه فقال به هكذا».
وهكذا المؤمن الخائف الذي يعظم ربه، ويخشى ذنبه، وينسى طاعته، ويذكر إساءته.
ندعو اللهَ تعالى أن يَحفظنا وإيَّاكم من الذنوب صغيرها وكبيرها، سرها وعلانيتها، حقيرها وعظيمها، إنه سبحانه وتعالى وليُّ ذلك والقادر عليه.
فما أجمل هذا الشهر الكريم، وأجمل بعظمته ومكانته عند الله وفي القرأن الكريم، فيعتبر شهر رمضان الوحيد الذي يكون في أول أيامه رحمة وفي أوسطه مغفرة وفي أخره عتق من النار.