الخلاف الذي دب بين الإمام الحسين وبين يزيد بن معاوية وعلى تعقيده فإنه يحتوي على جوانب مجهولة، لا يتم ذكرها بشكل كافٍ للكثير من الناس بعيدا عن تفاصيل النزاع والعداء، وفي تقرير اليوم سنحاول الإجابة على هذا السؤال، هل قبل الإمام الحسين بن علي مبايعة يزيد بن معاوية على الخلافة؟
في عام 60 من الهجرة توفي معاوية بن أبي سفيان، خلف في حُكم الدولة الأموية ولده يزيد بن معاوية.
لكن الحسين بن علي كان من أوائل المعترضين على هذه الطريقة، فدولة الخلافة لا تعترف بشرعية الملك وراثةً، وإنما من حق الأمة أن تختار خلفاءها اختيارا حرا بالبيعة.
لكن معاوية كان له رأي آخر يحمل منطقا قويا، فالشام طوع أمر بني أمية ولا ترضى لهم بديلا، واستبدالهم في هذا الوقت سيعني دخول الخلافة في مرحلة صعبة كما حدث في عهد عثمان ومن بعده عليا.
وعموما فالوارد ذكره تاريخيا أن الكوفيين أرسلوا إلى الحسين بالمدينة المنورة، ليذهب إليهم ويكونوا عزوته وجيشه، ولكي تعود به الأمور إلى نصابها أي أن “تعود الخلافة في بيت النبي”.
خروج الحسين سبقه تحذيرات من عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، لكن الحسين أصر على رأيه وخرج إلى العراق.
كانت أوامر يزيد لولاته على العراق تقضي بمنع الحسين من الوصول إلى أنصاره، لكيلا يخرج عليهم بقوة كافية تسقط دولتهم في دمشق، ولم في تلك الأوامر أي شيء بالتصريح أو الإشارة لإنهاء حياة الإمام الحسين.
وقد تحقق هذا بالفعل، فابن زياد وهو والي العراق في الكوفة والبصرة، استوقف الإمام ومن معه واستطاع أن يردهم عن دخول الكوفة، بل وسحق التمرد داخلها قبل وفود الإمام أصلا.
لكن بن زياد لم يكتف بذلك، وزاد عليه بمحاولته إجبار الحسين على الطاعة والاستسلام وأراد أن يحمله معه إلى دمشق أسيرا ليزيد.
أخبر الحسين قائد جيش بن زياد بأن الاستسلام ليس خيارا مطروحا وعرض عليه ثلاث خيارات أخرى، أولها أن يتركه ويرجع للمدينة مرة أخرى، وثانيها أن يتركه فيقابل يزيد ويضع يده في يده، وأخرها أن يذهب إلى حدود الدولة فيواجه أعدائها هناك حتى يفارق الحياة.
رفض قائد الجيش طلبات حفيد النبي وطلب الاستسلام، ما اضطر الحسين لدخول نزال غير متكافئ ما أسقطه في النهاية شهيدًا.
وهنا يجادل البعض بأن الإمام قد قبل مبايعة يزيد، لكن قائد جيش يزيد هو من رفضها من تلقاء نفسه وطلب من الامام الاستسلام.
وفي الحقيقة فقد كان ولاة يزيد بن معاوية في غاية القسوة، ولا يقتصر الأمر على بن زياد فقط، فقد كان هناك مسلم بن عقيل وكان يقضى على من لم يعجبه صيغة مبايعته لابن معاوية.
وبعد وفاة الإمام، لم تهدأ البلاد واستمرت الثورات في الخروج من كل مكان ولم يهدأ عهد يزيد بن معاوية أبدا طوال الأربع سنوات التي حكمها.